حمود بن على الطوقي
مرحلة مهمة قادمة تتسم بالجدية في العمل على مختلف المستويات، هكذا وعد صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- في خطابه الشامل والوافي الذي ألقاه على أبناء شعبه الأوفياء، المرحلة القادمة ستكون حاسمة وجادة، ولا مجال فيها لتهاون، بل ستكون مرحلة انتقال لعُمان الجديدة والمتجددة في نهضتها التي أرسى قواعدها قبل خمسة عقود السلطان الراحل قابوس بن سعيد بن تيمور -طيَّب الله ثراه.
بالأمس، كانت عُمان قاطبة تعيش مرحلة الترقب وهي تتابع الخطاب التاريخي للسلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه- الذي رسم خارطة الطريق لعمان الجديدة التي ستكون أكثر حسمًا في العمل للمحافظة على المكتسبات التي تحقَّقت عبر العقود الذهبية الخمسة الماضية، فخطاب جلالة السلطان كان شاملا وعلى مستوى الحدث، ووضع النقاط على الحروف، وجعل مصلحة عُمان أهم الأهداف التي ستقود البلاد إلى مرحلة جديدة ستكون أكثر جدية وصرامة بكل ما تعنيه الكلمة؛ فقد شخَّص جلالته وهو يُخاطب أبناء شعبه الوضع الراهن بكل شفافية، وحدَّد بوضوح الملفات المترهِّلة، التي ينبغي التصدي لها بكل جدارة وبدقة مُتناهية. الخطاب حدَّد أولويات المرحلة بكل وضوح، وزلزل رؤوسا تهاونت واستغلت مناصبها، وحتما ستكون فيها محاسبة للمقصرين الذين استغلوا مناصبهم والثقة السامية للسلطان الراحل -طيَّب الله ثراه- في تحقيق مكاسبهم وتعظيم ثرواتهم، وهذا لن يمرَّ مرور الكرام على جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- فسوف يقف معه أبناء شعبه الأوفياء في تحقيق رؤيته الطموحة من أجل أن يعود لعمان بريقها وشموخها. أبرز ما تحدَّث عنه جلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله- عنصر الرقابة والمحاسبة، والنزاهة، وهذه صفات ستحدِّد مسار العمل خلال المرحلة المقبلة.
فالترهُّل الإداري الذي أصاب مؤسساتنا الإدارية سيكون إحدى المحطات لإعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة؛ وذلك بمراجعة شاملة لعمل هذا الجهاز، لدمج اختصاصاته، بعد أن فقد البوصلة وعمل بدون رقابة، فقد آن الأوان لوضع أولوية لعمل الجهاز الإداري تقوم على الارتكاز على سلم الأولويات وتنقية الشوائب، وتعزيز الكفاءات الوطنية لإدارة العمل في المرحلة المقبلة.
نعم مولاي، هناك حاجة مُلحَّة لتقليص ودمج بعض المؤسسات الحكومية لتكون قادرة على التركيز على العمل، بدلا من التشتُّت في المهام التي من أجلها قامت هذه المؤسسات؛ فالمرحلة المقبلة لا تحتاج إلى التوسع في الهيئات الإدارية، بل تقليصها ودمجها في إطار عمل مؤسسي مبني على الكفاءات الإدارية.
الخطاب التاريخي حدَّد مسارات ومرتكزات مهمة؛ منها: التعليم، ولا شك أن رؤية جلالة السلطان المعظم -حفظه الله- طموحة في جعل التعليم أحد المرتكزات لبناء جيل قادر على إحداث تغيير في مسار العمل بالمستقبل.
وما ذكره جلالة السلطان في خطابه عن أهمية المراجعة الشاملة لأعمال الشركات الحكومية، لهو أمر في غاية الأهمية، بعد أن اتَّسعَت رُقعة هذه الشركات، وأصبحت تتنافس فيما بينها، بل أثقلت كاهل الحكومة بصرف موازنات كبيرة من أجل استمرارها؛ فقد تسابقت الشركات الحكومية لتسلُّق الهرم الوظيفي من خلال التعيينات الإدارية التي كانت مُبالغة في الأجور التي تُدفَع لما يسمى بالقيادات التنفيذية، فآن الأوان لدمج هذه الشركات أو تحويلها لشركات مساهمة عامة، تكون ملزَمَة بتطبيق الحوكمة في أدائها.
فكما هي هذه الشركات أثقلتْ موارد الدولة بدفع رواتب مجزية، فهناك توجُّه عام لأهمية ترشيد الموارد المالية للدولة، كما ذكر جلالته -حفظه الله ورعاه- داعيا إلى التوجيه الأمثل لزيادة الدخل وخفض المديونية، وهذا بحد ذاته أحد أهم تحديات المرحلة، لكننا نجزم بأنَّ جلالته -حفظه الله- برُؤيته وحكمته وحسن تصرفه سوف يعمل على تقويم اعوجاج العود، وتوجيه الحكومة للعمل المنظم المبني على محاسبة المقصرين ومكافأة المخلصين.
إننا أبناء عُمان نشعر بالارتياح، ونتطلع لأن نرى الحماس هو شعار الجميع، خاصة الشباب الطموح الذي يُنتَظَر منه الشيء الكثير خلال المرحلة المقبلة؛ فحتما سوف نقف جميعا صفًّا واحدًا كالبنيان المرصوص، ونعاهد الله وسلطاننا المفدى على أنْ نكون أوفياء للعمل تحت قيادته الرشيدة؛ من أجل غد أفضل لعمان، تسود النزاهة كافة مجالات الحياة فيها.