السجاد الإيراني.. موروث حضاري يئن تحت وطأة التقليد و"المُرتجع"

...
...
...
...
...
...
...

مسقط- الرؤية

 

إن كانت الحكمة يمانية والسيوف هندية فإنّ السجاجيد إيرانية.. وهي أكبر من كونها قطعة قماش أو صوف مزينة ومنمنمة ببعض الأشكال والصور؛ إذ إنّ السجاد الإيراني موروث حضاري عمره أكثر من 2000 سنة وبقدر تجذر الحضارة الفارسية قبل أن يكون تجارة أو سلعة تباع وتشترى؛ حيث يعد السجاد اليدوي من أهم الصناعات الإيرانية التي تحظى بسمعة لا مثيل لها في العالم، وذلك لما يحتويه من رسومات فنية أخاذة ونقوش وخيوط ذهبية غاية في الروعة والاتقان.

وتكاد كل مدينة إيرانية تشتهر بنوع محدد من السجاد ونقشاته لكن يظل أبرز هذه المدن أصفهان وتبريز وكاشان وقم بجانب مشهد وطهران وسبزوار وكاشمر.

ويلقى السجاد الإيراني في السلطنة إقبالا واسعا؛ حيث يقول المهندس عماد فاضل مدير محلات عالم السجاد الإيراني بمسقط أنّ منتجاتهم من السجاد والمفارش الإيرانية تحظى بقبول خاص من المواطنين، وذلك لما للسجاد الإيراني من سمعة وعراقة اتصف بها، وأنّ التواصل الثقافي والتجاري التاريخي بين البلدين أتاح للمواطن العماني فرصة التعرف عن قرب على هذا الموروث الثقافي الإيراني. ويضيف أنّ وتيرة الإقبال على السجاد الإيراني ترتفع في شهر رمضان ومواسم الأعياد لاسيما عيدي الفطر والأضحى والأعياد الوطنية الأخرى، علاوة على الإقبال الظاهر أثناء موسم التنزيلات؛ حيث يشهد المحل حركة تجارية واضحة وتزيد قيمة المبيعات.

وحول جودة السجاد الإيراني في عمان، يقول أحد العاملين في محلات بيع السجاد- وهو إيراني مقيم في السلطنة- إن منتجاتهم أصلية وممتازة فهم يستوردون السجاد من إيران وتحديدا مدينة كاشان. ويستدرك العامل قائلا: لكن للأسف هناك بعض المحلات في عمان والمشهورة ببيع السجاد تستورد خامات رديئة أو "مُرتجعة" وتبيعها بسعر رخيص على أنّها خامات فارسية أصلية؛ وبالطبع هذا الأمر بإمكانه أن يضر بسمعة السُّجاد الإيراني الذي اشتهرت به إيران على مدى حقب من الزمن. ويتابع القول إنّ بعض المحلات تبيع سجادا تركيا على أساس أنّه منتج إيراني، وبعضها الآخر يبيع سجاجيد صينية على إنها إيرانية أيضا، وتبلغ درجة خطورة هذا "التقليد" أنّه من شدة الدقة يحتاج إلى متخصص في السجاد لمعرفة الفروق بين النوعين. ويناشد البائع الإيراني الهيئة العامة لحماية المستهلك والجهات المعنية بأن تتصدى لهذا الأمر بالتوعية والحملات حفاظا على حقوق المستهلكين وأموالهم والملكية الفكرية للمنتج الإيراني.

وحول أبرز العوائق التي تواجه تجارة السجاد الإيراني في مسقط، قال عماد فاضل مدير محلات عالم السجاد الإيراني إنّ الأمور في عمان جيدة ولله الحمد، فنحن نفكر في إقامة مصنع للسجاد الإيراني في مدينة صحار حتى يتسنى لنا في المستقبل تصدير المنتج لكل دول الخليج، وقد بدأنا بالفعل في شراء الأرض وتكملة الإجراءات الإدارية، لذا نناشد الحكومة تسريع الإجراءات وتخفيض رسوم البلدية السنوية، بجانب منحنا بعض التسهيلات؛ فنحن نستورد بضائعنا عن طريق ميناء جبل علي في دبي وبالطبع نتمنى أن يأتي السجاد مباشرة من إيران إلى ميناء صحار في عمان، ويضيف فاضل أنّهم يواجهون أيضا معضلة في التحاويل المالية عبر البنوك هنا، ويقول: هذا أمر بالنسبة إلينا مقدر ومفهوم بسب الحصار الاقتصادي والعقوبات المفروضة على إيران، ونأمل في المستقبل القريب أن تزول كل هذه العوائق، وأن يحفظ الله لعمان سلطانها ومكتسباتها.

يشار إلى أنّ باعة السجاد الإيراني يشاركون سنويا في عدد من الفعاليات الموسمية، مثل مهرجان مسقط وبعض المعارض الاستهلاكية، بفضل ما يتميز به من جودة عالية في الصنع والدقة في النقوشات والرسومات والخياطة التي تعكس الطابع الإيراني.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة