جماهيرنا عادت.. ولكن!

أحمد السلماني

مُنذ فترة ليست بالقصيرة، لم يتسنَّ لي الحضور وسط الجماهير، في ظل توافر منصة خاصة للإعلام، ولكن -وبداعي صحبتي للأخوة والأبناء، وكذلك دعوتي لجماهير "عنابي الجبل" للحضور- آثرت مُعايشة مكابدة الجماهير العريضة التي لبَّت دعوة النادي وداعميه ومحبيه، التعادل بالنسبة للجماهير الرستاقية كان بطعم الخسارة، ومع ذلك صفَّقت للاعبيها بحرارة، ولسان حالها يقول: "وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان"!!

ليس هذا موضوعنا، ولكنني أدركت اليوم مدى حب ورغبة الجماهير في الحضور للملاعب لمعايشة الأجواء التي غالبا ما تحمل الإثارة، ولكنها تكابد كثيرا منذ دخولها وحتى مغادرتها للمجمَّع؛ ففي مجمع الرستاق مثلا وأنا أحكي لكم المشهد كما صادفته دون مبالغة، فإنَّ المعاناة تبدأ بازدحام الشارع الرئيسي الذي تنعطفُ منه السيارات؛ حيث الخطورة محدقة لا محالة، ولولا لُطف القدر وجهود رجال المرور بشرطة عُمان السلطانية لحدث ما لا تُحمد عقباه، ولا أعلم كيف لمنطقة صارت غاية في الحيوية أن تكون بلا تخطيط مروري حتى الآن، وكان من المفترض أن يتم ذلك قبل إنجاز كل المشاريع التي شيدت في تلك المنطقة.

وصلنا المجمع بسلام، المواقف متوفرة جدا، ولا إشكالية بها، حثثنا السير باتجاه كابينة التذاكر، نافذة واحدة فقط لعدد هائل من الجماهير، استقطعنا التذاكر، والجميل أنَّ الصغار كانوا يدخلون بالمجان كمبادرة من إدارة نادي الرستاق مشكورة، وقريبًا من البوابات كانت تقف 4 سيارات من نوع "البيك آب" لبيع المياه والمرطبات وغيرها، لا فرق بين هذا المشهد وعرصة السوق القديم معنا، تجاوزنا حاجز تفتيش الشرطة والذين كانوا غاية في اللطف والترحيب بالجماهير، المجمَّع كان واسعا جدا، والمقاعد متوفرة، ولكن يكسوها الغبار، ماذا لو تم دفع مبلغ 50 ريالا فقط من قيمة التذاكر المباعة للجماهير والتي تجاوز عددها الـ5000 شخص، هذا عدا من دخل بالمجان من الأطفال، لتنظيف هذه المقاعد قبل بداية المباراة.

دورات المياه قليلة قياسًا بعدد الجماهير، خاصة وقت الصلاة، كما أنَّ الفرش المخصَّص للصلاة لا يكفي، وسيناريو الخروج كان قِصَّة أخرى من حيث عدم فتح كل البوابات، فكان ضروريا أن ننتظر لما يقارب الـ45 دقيقة لنخرج.

ونحن في مسيرنا باتجاه الملعب، كُنت برفقة أخوة لي كانت لهم تجارب رياضية حين طرحوا أفكارًا للجماهير تتداولها، ماذا لو تم استغلال المساحات الشاسعة داخل محيط المجمع بفتح مجمع تجاري ومقاه وحديقة أطفال؟ وماذا لو تم فتحت أكثر من نافذة للتذاكر؟ وماذا لو تواجدت كابينات للمرطبات وخلافه؟ وأين نحن من وجود جهاز الكشف بدلا من منظر التفتيش البدائي؟ وكيف لو تم تنظيف الكراسي واستدامة الجوائز والحوافز؟ كل ذلك سيقفز بفعالياتنا الرياضية ومسابقاتنا نحو اجتذاب الجماهير، والتي ستضفي جمالا لدورينا، سيأتي بالرعايات والحضور الإعلامي المؤثر.. الحضور الجماهيري وحده وراء نجاح مسابقاتنا، وكفيل بجلب الدعم والرعايات، اهتمُّوا بالجماهير وبعدها سيأتي كل شيء، هذا الموسم أفضل من سابقيه، وجهود اتحاد اللعبة والأندية واضحة، ولكن قد تفقدون هذه الجماهير لو استمرَّ الوضع على هذه الحال.. سمعتُ من يقول: "لن أعود ثانية".