نادي إزكي.. ظاهرة فريدة

 

أحمد السلماني

في فبراير من العام 2016، كتبتُ مقالًا طالبتُ فيه بإشهار ناديي العامرات وإزكي، وراهنتُ حينها على أنهما سيشكلان قيمة كبيرة للرياضة العمانية، لما لمسته من حماسة غير طبيعية في شباب كل من الولايتين، وتم إشهارهما رسميًا إلى جانب 3 أندية أخرى؛ الأول أحرز دوري كرة القدم الشاطئية، فيما صدم نادي إزكي المُشهَر حديثًا الوسط الرياضي والكروي تحديدًا عندما راهن على تشكيل أول فريق للناشئين والزج به في منافسات الدوري العام، ليدوِّن إزكي الصغير ملحمة وتاريخًا للنادي، بأن وصل للدور نصف النهائي وحقق المركز الثالث رغم حداثة تشكيله، وأنها المشاركة الأولى لأبناء الريف الداخلي خارج نطاق الولاية، في ظاهرة فريدة من نوعها.

حرصتُ على متابعة هذا الفريق المُعجزة منذ البداية؛ إذ لكم أن تتخيلوا فريقًا حديثَ التكوين ولم يخسر أي مباراة على مستوى مجموعته المناطقية، ليتلقى خسارتين في الدور الثاني أمام فنجا ومجيس، ثم خسارة بتفاصيل بسيطة في نصف نهائي الدوري، كما ولا يمكن إغفال قوة وطموح الفريق المنافس وطموحه وخبرة إدارته الفنية.

على كل حال، الفوز والخسارة واردان في عالم الساحرة المستديرة، وليس هذا محور المقال، وإنما منهجية العمل في هذا النادي اليافع والذي ورغم حداثة إشهاره إلا أن مجلس إدارته أراد من خلال المشاركة بناء فريق واعد للمستقبل وأن يتم العمل وفق المنظور الهرمي، تأسيس القاعدة ومن ثم الانطلاق نحو القمة والتدرج بهذا الفريق، شباب ورديف والمحطة الأخيرة هو تكوين فريق كروي أول يمثل النادي في مسابقات الاتحاد العماني.

هنا قدم نادي إزكي درسًا مجانيًا للأندية المتعثرة وخاصة تلك التي كانت ولا زالت تدار بعقليات الثمانينيات والتسعينيات "ودوم تصيح المالحة"، بأن العمل المؤسسي والمُنظَّم والذي يبدأ من القاعدة يصنع النجاح والتفوق وامتلاك قدرة تنافسية عالية.

كانت وما زالت أندية الباطنة تتربع على منصات تتويج الفئات السنية ولا تعاني في حال الأزمات، 3 فرق في مربع الذهب، صحار البطل والسويق الوصيف وصحم رابعًا خلف إزكي، فقط لأنها تهتم بهذه الفئة، مجلس إدارة نادي إزكي برئاسة عبدالله الراشدي سابقا ومن ثم عرفات العبيداني حاليًا صرف ما مقداره 21 ألف ريال عماني على مدى عامين من أجل تأسيس وتكوين وتأهيل هذا الفريق للظهور بهذه الصورة الفذة؛ بما في ذلك مشاركات داخلية وخارجية في بطولات بدولتي الإمارات العربية المتحدة وقطر، جهد كبير ومضني وتفوق رغم أن النادي بلا بنية رياضية أساسية، ولا يوجد لديه ملعب معشّب ويلجأ إلى استئجار ملاعب الفرق الأهلية لتدريب الفريق.

هنا أتوجه بالنداء العاجل لوزارة الثقافة والرياضة والشباب ولمحافظة الداخلية، للمسارعة في دعم النادي بإنشاء ملعب وصالة رياضية ومقر، وكذا الحال بالنسبة للأندية الأربعة الأخرى والمشهرة حديثًا، فمن شأن هذا أن يقفز بمساهمات هذه الأندية في تطوير الرياضة العمانية وفي ايجاد بيئة رياضية لشبابها تمكنهم من ممارسة هواياتهم.

إنهم في غاية الامتنان للمقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- ولصاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب، على إشهار الأندية وأيضاً يمنّون النفس بإنشاء البنية الأساسية الرياضية في أقرب فرصة مُمكنة.

هذه رسالة إلى الأندية الخمسة المُشهَرة حديثًا: كرة القدم محرقة للأموال وأي محرقة، إياكم والاستعجال؛ إذ إن تأسيس القاعدة والتدرج في بناء الفرق ومن ثم ديمومة هذه المنهجية وحده يضمن لكم حضورًا قويًا ودائمًا ضمن أندية النخبة، ولنا في نادي الوسطى مثالًا، ظهر فجأة ثم اختفى في غياهب الجب!