عودة التعليم المسائي

 

طالب المقبالي

 

بعد أن ظننا أنَّه رحل إلى غير رجعة ها هو التعليم المسائي يطل برأسه من جديد في مختلف محافظات وولايات السلطنة.

لقد استبشرنا خيراً بعد قيام وزارة التربية والتعليم بتقليص المدارس التي تعمل بنظامي الدارسة الصباحي والمسائي، وذلك لما للتعليم المسائي من جوانب سلبية أهمها التأثير على مستوى أداء الطلاب .

فالمعروف أن النشاط البدني والذهني يبدأ مع ساعات الصباح الأولى، ويبدأ في التناقص كلما تقدم الوقت حتى يصبح النشاط والتركيز عند الظهيرة شبه معدوما سواءً لدى الطلبة أم المعلمين، وبالتالي ينعكس سلباً على أداء الطلاب .

لقد أصبح المجتمع أكثر وعياً وأكثر إدراكاً لأهمية الوقت الملائم للدراسة، فقد لجأ كثير من أولياء الأمور إلى نقل أولادهم إلى مدارس أخرى حكومية كانت أو أهلية، لما يرونه من سلبيات في التعليم المسائي.

يقول أحد أولياء الأمور: من خلال تجارب سابقة فإن التعليم المسائي غير مجدٍ، وعودة إلى الوراء من بعد تقدم، فقد اضطررت إلى نقل أولادي إلى مدارس تعمل بنظام التعليم الصباحي.

ويقول آخر من أولياء الأمور إن الدراسة المسائية لها سلبيات كثيرة حيث تتسبب في تغيير بعض السلوكيات الحياتية اليومية للطلاب ويشمل ذلك الأسرة ومنها التغيير الاضطراري في نظام النوم، إذ تضطر الأسرة والطالب معاً إلى تأخير وقت النوم من أجل المذاكرة، ويترتب على ذلك السهر ضياع بركة صلاة الفجر، ثم تأخر أولياء أمور الطلاب عن أعمالهم .

الأمر الثاني انتظار الطلاب للحافلات المدرسية تحت لهيب الشمس الحارقة وتعرضهم للغبار والأتربة التي تؤثر على صحتهم.

فالفترة المسائية هي الفترة المثالية التي تمنح الطالب الراحة من بعد عناء يوم دارسي بالنسبة للدراسة الصباحية، فتنقسم بين النوم والقيلولة، ثم ممارسة الرياضة، ثم استذكار الدروس والنوم باكراً.

ويقول أحد أولياء الأمور إن الطلبة الذين يدرسون في الفترة المسائية وآباءهم وأمهاتهم سيواجهون صعوبة في تجهيزهم للمدرسة، فغالباً ما تقوم عاملة المنزل بهذه المهمة، فكيف لطالب جهزته العاملة بالإكراه أن يكون مهيأ لاستيعاب الدروس؟.

لقد كشف لي استطلاعي للآراء في موضوع الدارسة المسائية أن هناك أمورا يتمنى كثير من الناس التطرق إليها، كالحقيبة الكبيرة التي ترهق طلاب الحلقة الأولى لا سيما طلاب الصف الأول والثاني، وكذلك العودة إلى استقدام المعلمين من الخارج لكثير من المواد الدراسية وفي مقدمتها التربية الإسلامية، في حين توجد مخرجات من كليات التربية ومن جامعة السلطان قابوس قد انضموا إلى قوافل الباحثين عن عمل، ومنهم من اتجه للعمل في القطاع الخاص في غير مجاله وتخصصه.

فهل يعني هذا أنه سيأتي اليوم الذي نستورد فيه المناهج الدراسية من الخارج؟ فالمؤشرات توحي بالعودة إلى الماضي الذي نسيناه.

وشهد شاهد من أهلها، يقول أحد المعلمين عودة التعليم للفترة المسائية يعني عودة التعليم قرون إلى الوراء، فقد كنا نسابق الزمن فيها، ويؤسفني جداً أن يكون هذا توجه التعليم في هذا العصر.

سابقا كان التعليم مسائياً بسبب عدة عوامل تحكم الوضع ، منها نقص عدد المدارس، فخلال الفترة الصباحية منذ بداية الدوام حتى نهايته في وقت الظهيرة يعود الطالب مثقل الجسد والعقل، فكيف إن كان التعليم خلال فترة المساء، أو بالأحرى وقت الظهيرة يكون العقل مغلقاً سواءً من المعلم أو من الطالب.

لقد أعادونا إلى الوراء سنين، ويتساءل، أين بند التعليم الأساسي وأين جودة التعليم فيه؟ وأي رقي بالعقول؟ ، ألا يعلم هؤلاء أننا نبني عقولا تخدم الوطن! فأي عذر ممكن أن يكون لديهم ونحن نرى أطفالاً يجوبون الطرقات منتصف الظهيرة، وبعضهم للأسف يقطع مسافات طويلة لعدم توفر وسيلة نقل لهم.

وهذا شاهد آخر من أهلها من حملة الدكتوراه  في مجال التعليم يقول:لقد قُلصت الحصص في المدارس ذات الفترتين بسبب قصر الفترة الزمنية رغم تدريس المنهج نفسه الذي يتلقاه الطالب بمدارس الفترة الواحدة، والسؤال هل سيتلقى طلبة المدارس ذات الفترتين تقويماً خاصاً وامتحاناً مختلفاً عن أقرانهم الطلبة في المدارس ذات الفترة الواحدة؟، وهل هناك أنشطة ومصادر تعلم سيمارسها طلبة المدارس ذات الفترتين تختلف عن أنشطة مدارس الفترة الواحدة؟

طلبة الحلقة الأولى غالباً يكونون في الفترة المسائية ولك أن تتخيل طالب الصف الأول وهو ينتظر حافلة المدرسة في شمس النهار ، ثم يقف للطابور في ساحة المدرسة صيفاً وشتاء!! .

لقد تعودت في كثير من الأحيان أن أستطلع آراء الناس حول الموضوع الذي أرغب في الكتابة عنه، فاستطلعت بعض الآراء التي قد تخدم موضوع هذا المقال، وخلصت إلى هذه الآراء من وسط حديقة التعليم نفسها، فهناك من رجال التربية أنفسهم غير راضين ومستائين مما يحدث هذه الأيام.