عبيدلي العبيدلي
في الحلقة الأولى كانت هناك مقدمة مقتضبة سلطت الأضواء على الأجيال الأربعة من الحروب التي سبقت الجيل الخامس، التي تشعل حريق اندلاعها انطلاقة الجيل الخامس من الاتصالات والنتائج المصاحبة لها.
ويقتضي فهم العلاقة بين الجيل الخامس والحرب القائمة اليوم، ينبغي التوقف عند تعريف تقنيات الجيل الخامس(5G) من الشبكات. ووفقا لتعريف المحرر التنفيذي في موقع سي نات الإخباري، روجر تشينغ، الذي نشر موقع نون ترجمة له، "يمثل الجيل المقبل الخامس من تكنولوجيا الهواتف الخلوية، ويعد بإدخال تحسينات رائعة على السرعة، والتغطية وسرعة الاستجابة على الشبكات اللاسلكية. ولكن، ما هي بالضبط السرعة التي نتحدث عنها هنا؟ ربما تكون أسرع بعشر أو مائة مرة من الربط اللاسلكي الموجود لديكم حاليا، وربما أسرع حتى من أي خدمة يمكنكم الحصول عليها مع أسلاك الألياف الضوئية المستخدمة الآن".
ويضيف موقع "الاقتصادية"، على هذا التعريف قائلا، "تمثل هذه التقنية الجيل الجديد من معايير الاتصالات المتنقلة، وتعد بسرعة فائقة وتغطية كبيرة للشبكات اللاسلكية. وتصل السرعة الجديدة لهذه الشبكة إلى 4.5 جيجابت في الثانية، في الوقت الذي تبلغ فيه الكفاءة القصوى لشبكات الجيل الرابع نحو 600 ميجابت في الثانية. كذلك تخفض هذه الشبكة الثورية من زمن الاستجابة عند نقر رابط على الإنترنت أو تشغيل فيديو، ليصل إلى 1 ميلي ثانية، وهو الزمن الذي يستغرقه إرسال الطلب إلى الشبكة وتجاوبها والتحويل إلى الموقع المطلوب أو الموقع، وفق ما أورد موقع سي نت التقني. وتستخدم هذه الشبكة طيفا فائق الترددات العالية بنطاق أقصر ولكن بقدرة أكبر لنقل بيانات ضخمة عبر الإنترنت وبجودة عالية. هذا يشرح لماذا صممت شبكة الجيل الخامس لربط عدد أكبر بكثير من الأجهزة مقارنة بتلك التي توفرها شبكات الخلوي التقليدية، وبالتالي فإنّها تتيح تطبيق مفهوم (إنترنت الأشياء) بسهولة، أي: إن أي أداة أو جهاز في البيت أو الشارع أو العمل سيكون متصلا بالإنترنت. وبفضل ذلك سيكون من السهولة بمكان دعم هذه التقنية لتطبيقات عديدة مثل المدن الذكية والعمل واللعب في الحوسبة السحابية والجراحة الطبية عن بعد والواقع الافتراضي والاتمتة الصناعية والسيارات ذاتية القيادة. كما تتبنى شبكات الجيل الجديد تقنيات تقلل من الحمل على الأجهزة، الأمر الذي يقدم حلا للمشكلات التي تستنزف الطاقة عندما تكون نقطة الاتصال بعيدة عن جهاز المستخدم".
ويسرد موقع روسيا اليوم (RT) نبذة تاريخية عن تطور شبكات الاتصالات، التي "بدأت بشبكة 1G، وفي وقت مبكر من تسعينيات القرن الماضي، توسعت الشبكة لـ 2G، عندما بدأت الشركات في تمكين الناس من إرسال رسائل نصية بين اثنين من الأجهزة النقالة. وبعدها انتقل العالم إلى الجيل الثالث 3G، والذي أعطى الناس القدرة على إجراء المكالمات الهاتفية، وإرسال الرسائل النصية وتصفح الإنترنت، أما الـ 4G فقد عززت العديد من قدرات شبكات الجيل الثالث اللاسلكية، حيث مكنت المستخدمين من تصفح مواقع الإنترنت، وإرسال الرسائل النصية وإجراء المكالمات الهاتفية، وحتى تحميل ملفات الفيديو الكبيرة دون أية مشاكل".
ولكي ندرك النقلة التي سيحدثها الانتقال من تقنيات شبكات الجيل الرابع إلى الجيل الخامس (The 5th Generation Cellular Networks)، والتحولات المصاحبة لذلك التحول، يكفي العودة إلى تقرير نشرته مؤسسة "غارتنر"، التي تتوقع "أن يصبح عدد الأجهزة المتصلة بشبكة الإنترنت بحلول عام 2020 حوالي 20 مليار جهاز. وعلى سبيل المقارنة، يوجد حاليا ما يقدر بنحو 6.4 مليارات جهاز متصل بالإنترنت في العالم، ومعنى زيادة الأجهزة إلى هذا القدر الكبير أنها ستحتاج إلى شبكة اتصال أكبر وأسرع من تلك المتوفرة حاليا".
لكن هناك من يرى العكس من ذلك تماما، ويتوقع انتشار استخدام الجيل الخامس من الشبكات على نطاق أوسع، وفي وقت أقصر، وقبل العام 2020، " فبحلول ذلك العام من المتوقع أن يتراوح عدد الأجهزة المتصلة بالإنترنت ما بين 50 إلى 100 مليار جهاز، لذا فلا بد من توفر شبكات بنطاقات ترددية جديدة ومختلفة لسدّ هذا الطلب الواسع على الاتصال بشبكة الإنترنت.".
ولا بد من الإشارة هنا، إلى أنّ استخدام الجيل الخامس من الشركات لن يكون على شكل موجة عارمة تجتاح العالم، نظرا لما يحتاجه تشغيل هذا النوع من الشبكات مجموعة من الإجراءات التي لا تنحصر في الجوانب الفنية فحسب، بل تتجاوزها كي تشمل الجوانب التشريعية، بالإضافة إلى نقلات نوعية في أسس البنى التحتية لشبكات الاتصال في البلد المتجه نحو تبني مثل هذا النوع من الشبكات. هذا ما يشير له، وينبه له، المدير العام للجمعية العالمية لمشغلي الاتصالات (جي اس ام ايه) ماتس غرانريج، حين يؤكد "لن يجري بسط هذه الشبكة إلا بصورة تدريجية"، موضحاً أن "15 % من الشبكات في العالم لا غير ستعمل بتقنية الجيل الخامس سنة 2025، وهي لا تزال تكنولوجيا محدودة نسبياً".
وبخلاف ما يشيع البعض، بمن فيهم بعض شركات الاتصالات، لن يكون الانتقال من تقنيات أي من الأجيال الأربعة السابقة إلى تلك التي يستخدمها الجيل الخامس من الشبكات، عملية سهلة وانسيابية، إذ سيتولد عنها، شأنها شأن أية تقنية جديدة أخرى، مجموعة من التحديات، التي لا ينبغي الاستهانة بها، ولا التقليل من الأكلاف المصاحبة لها، والتي أوردها، وشدد على ضرورة التنبه لها، مجموعة من مراكز الأبحاث المتخصصة في تقنيات التشبيك والاتصالات، لعل الأبرز بينها تلك الجوانب الأمنية، التي يشرحها النص التالي المنقول من موقع الموسوعة الإلكترونية ويكبيديا:
• المعمارية والبنية المعتمدة على بروتوكولات الانترنت والتي هي دائما عرضة لأي تهديد.
• تنوع طرق الوصول لشبكة الانترنت.
• عدم تجانس الأجهزة المتصلة من حيث القدرة الحسابية وكفاءة المعالجة والتخزين.
• أنظمة التشغيل المفتوحة على الأجهزة، أي يمكن تنزيل البرامج مهما كان مصدرها وتثبيتها على الأجهزة، وهذا ما قد يخلق الكثير من المشاكل الأمنية.
• الأجهزة المتصلة عادة ما يتم تشغيلها من قبل أشخاص غير محترفين في القضايا الأمنية.