مرحبًا سعادة الشيخ

 

علي بن سالم كفيتان

alikafetan@gmail.com

قبل عام ونيف، كان لنا مقالٌ تحت عنوان "قراءة متأنية ..."، تناولنا فيه بعضَ الأمور التي نراها ضرورية لخدمة محافظة ظفار، وطرحنا من خلال ذاك المقال مقترحات عدة؛ منها: الإسراع بتعين نائب للمحافظ لأهمية وحساسية المحافظة، إضافة لمقترحات أخرى يمكن للقارئ الرجوع إليها، ولقد سرنا المرسوم السلطاني السامي الذي صَدر مؤخرا، والقاضي بتعيين سعادة الشيخ مهنا بن سيف اللمكي نائبًا لمحافظ ظفار؛ فالرجل من قيادات الحكم المحلي المشهود لهم بالانضباط والإخلاص والنزاهة، وهي صفات تحتاجها المحافظة أكثر من أي وقت مضى، ولا يعني ذلك بأي حال من الأحوال انعدامها فيمن كُلفوا بهذه المهمة من قبل، فقد منحتني الأيام فرصة نادرة لمقابلة سعادة المستشار المكلف بهذه المهمة طوال الأربع سنوات الماضية؛ فالرجل شخصية وطنية مخضرمة ومتزنة، وعنده القدرة على قراءة الأحداث والتعامل معها بكل حنكة، ولا شك أنه كان سندًا وعونًا قويًّا لمعالي السيد المحافظ، ونقدر له كثيرا ما قام به طوال فترة تكليفه.

ولعلَّه من نافلة القول أن نذكر هنا الشيوخ وكبار المسؤولين والتجار وهواة النفوذ الاجتماعي بالمحافظة المتوقع ذهابهم للسلام على سعادة نائب المحافظ الجديد، نقول على رسلكم فأمام سعادة الشيخ ملفات كثيرة تنتظره فهذا المنصب يمثل عصب المحافظة وترتبط به جميع المديريات واللجان، إضافة إلى أنه بحاجة لبعض الوقت حتى يقرأ الجهاز الإداري للمكتب، ونتوقع أن هذا الأمر لن يطول كثيرا نتيجة للخبرة الكبيرة التي يمتلكها الرجل في دهاليز الحكم المحلي؛ فهو قادم من صحار حاضرة شمال الباطنة بثقلها السياسي والسكاني والاقتصادي ولن يمكث مطولا للتعرف على ظفار!!! وأملنا الأكبر أن يتعرف عليها من خلال شخصه الكريم دون وسطاء أو مُعرِّفين.

سعادة الشيخ، ظفار هي مسقط رأس مولانا جلالة السلطان المعظم -حفظه الله ورعاه- وهي الحاضنة الأولى لعهد النهضة المباركة، وهي من ضحَّت من أجل التحول بكل غالٍ ونفيس ففيها لم يقبل الناس الظلم والاستبداد، وفيها رحب الجميع بالتغيير ومنحوا أرواحهم رخيصة لتعديل النصاب وفرض منطق العدالة الاجتماعية الذي تبناه مولانا جلالة السلطان -حفظه الله ورعاه- ولقد أكرمها جلالته -أبقاه الله- فوضع لها المكانة التي تليق بعد أن لملم جراحها الغائرة ونفض الغبار عن جبينها وجعلها درة الحواضر العُمانية وهكذا نريدها دائما.

سعادة الشيخ، سننظُر لكم بكل أمل للدفع بعجلة التنمية الاقتصادية قُدما في ظفار في مختلف الجوانب؛ سواء ما يتعلق بتفعيل المنطقة الحرة ورفدها بالطاقة الكافية أو المناطق الصناعية والدفع بميناء صلالة بعيدا، بحيث لا يصبح ميناء مناولة حاويات فقط، بل موقع إستراتيجي ترفده مناطق حرة نشطة وصناعات ثقيلة تدعم الاقتصاد الوطني، وتشغل آلاف الشباب الباحثين عن عمل. الناس هنا ينتابهم شعور بخيبة أمل من ترحيل المشاريع الاقتصادية من المحافظة، وعدم تسهيل إجراءات الاستثمار الأجنبي الراغب في الموقع الإستراتيجي لظفار، هذه مجرد نافذة واحدة سعادتكم، ونأمل منكم كل الدعم بإذن الله.

قد يَضَع البعض التحديات الاجتماعية شماعة أمام كل قادم جديد، وما نحب إعلام سعادتكم به هو أنَّ المحافظة حسب تقديرنا هي الأكثر قوة وصلابة في بنيتها الاجتماعية، خاصة في التكافل والتعاضد المجتمعي، فما قد تسمع به من خلاف وتصاعد الأصوات وكتابة المعارضات يزُول على طاولات الأعراس التي تستقبل آلاف الريالات عندما يتزوَّج أحد أبناء المحافظة، والأمر ذاته عندما يتوفى أي مُعسر يحتضن المجتمع دَيْنه ويمنح لأبنائه حياة كريمة فهم يتنادون الى الخير ويهبون إليه، متناسين كل وريقات المعارضات والصراعات الآنية.. في ظفار يحلُّ العرف الاجتماعي المتوارث أعتى القضايا ويقوم بتصفيتها بعيدا عن مخافر الشرطة وردهات المحاكم عبر مشايخ وتجار وهبوا أنفسهم لتحصين مجتمعهم دون أخذ الثمن.

لا يُوجد خِلاف بين أبناء المدن والريف والبادية كما يروج له خلال الأعوام الأخيرة، فقد ظلوا طوال قرون يخدمون بعضهم البعض، ولم تتنافر مصالحهم في يوم من الأيام، بل ظلت متقاطعة؛ فالمدن هي الحضارة والتجارة والاستقرار، أما الأرياف والبوادي فهما موطن القوة والمنعة والقيم النبيلة.