الصين وعُمان والمستقبل

علي البوسعيدي

الصِّين.. واحدة من أكبر وأهم القوى الاقتصادية في العالم، وهي أيضاً قوة تكنولوجية عُظمى، وتربطها بعُمان علاقة تاريخية وطيدة تمتد لأكثر من ألفي عام.

وفي هذه الأيام، نحتفلُ بمرور 40 عاماً على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين السلطنة والصين، والتي بدأت في 25 مايو 1978م، لتعزِّز الثقة السياسية المتبادلة باستمرار وترسِّخ الصداقة التاريخية باضطراد، ويُحرز التعاون في مجالات الطاقة والاقتصاد والتجارة والترابط والتواصل الشعبي إنجازات مثمرة تستشرف آفاقا رحبة. وكان من الجميل أن يتضمن الاحتفال -الذي يُقام في بكين- عدة فعاليات تعبِّر عن عُمق العلاقة بين البلدين، وعلى رأس تلك الفعاليات: إزاحة الستار عن النصب التذكاري للسفينة "صحار" في مدينة جوانجو الصينية الشهيرة.

إضافة إلى أنَّ الاحتفالية الثقافية الإعلامية العُمانية-الصينية ستتضمَّن فعاليات إعلامية وثقافية وفنية وموسيقية، على مدى عدة أيام، وهو ما يُعبر عن أهمية هذه العلاقات في حاضرها ومستقبلها، إضافة لزيارة وفد كبير برئاسة معالي وزير الإعلام الموقر على رأس وفد إعلامي، مع العلم بأنَّ هناك تعاونا كبيرا بين البلدين حتى إنَّ هناك لجنة الصداقة الصينية-العمانية؛ حيث تعقد اجتماعات دورية في كلا البلدين، كما أن هناك تسارعا كبيرا في قيام بعض الشركات الصينية بإقامة مشاريع ذات صبغة تجارية بحتة؛ مما قد يُسهم كثيرا في توظيف الشباب العُماني.

كما أنَّ المأمول أن تستثمر الصين في الطاقة الإنتاجية ومجال الاستثمار والتعاون في مجال الطاقة وفي حقول البُنى الاساسية والحدائق الصناعية والسكك الحديدية والموانئ والمطارات ومحطات الكهرباء والخدمات اللوجستية... وغيرها، كما أنَّ إقامة علاقات الشراكة الإستراتيجية تُشكل توجُّها سياسيا قويا لتطوير العلاقات بين البلدين، ويؤدي لإحراز نتائج إيجابية كبيرة في تعاونهما لبناء الحزام والطريق، والمحافظة على مصالحهما المشتركة في القضايا الإقليمية والدولية؛ مما يرفع العلاقات بين البلدين إلى مزيد من التعاون وفتح مجالات أخرى لكلا الطرفين، لا سيما قدوم الشركات والمستثمرين الصينيين للسلطنة؛ مما قد يفتح أمام شبابنا العماني المزيد من فرص العمل، والتوظيف في هذه الشركات يُكسبهم الخبرة والاستفادة القصوى.

... إنَّ الوشاج الرابط بين عُمان والصين يحتكم لتاريخ قديم؛ حيث كانت العلاقات بين الطرفين عبر البحر، وعبر سفن تقليدية مصنوعة محليًّا، خاصة في صور العفية، والتي كانت محملة بالبضائع المحلية كالتمور والأخشاب والتمر، وكذا الصمغ العربي، كما أن استيرادنا منها كان الملابس بأنواعها الصوفيه والحريرية، وما وجود الوفد الحالي في الصين إلا تأكيدٌ على عُمق العلاقات المميزة بين الطرفين، كما أن تثبيت النصب التذكاري "صحار" دليل ساطع آخر على تلك العلاقات المميزة.