يوم جديد.. فاجعلوه سعيدا!

مدرين المكتومية

هناك صباحات لا يمكن مقارنتها بأي صباح آخر، هناك صباحات تكون مليئة بالأمل وممتلئة بالسعادة، صباحات تجعلنا نبتسم رغمًا عنا، ونقدم ابتساماتنا كعربون للحب لكل من هم حولنا، ولأن الصباح هو البداية الأولى ليومنا ولإنجازاتنا فنحن موعودون بأشياء جميلة خلال ساعات اليوم كموعد ننتظره منذ زمن وكهدية صغيرة حلمنا بها كثيرًا، وكمقابلة شخص لطالما انتظرنا اللقاء به، وربما سنسمع خبرًا سارًّا يغير مجرى حياتنا العلمية أو العملية، وربما الاجتماعية، فأهلا بهكذا صباح مرتقب.

حين نستيقظ صباحًا ونستعد لتفاصيل اليوم بأكمله بأن نكون على كامل أناقتنا، أو أن نرتدي شيئا جديدا، ونحتسي مشروبنا الصباحي من الشاي أو القهوة خارج المكان المعتاد، حينها سنكتشف أن للحياة جماليات أخرى، وأن الصباح يمنحنا الوقت الكافي لنلحق بالعمل أو لنمارس طقوسنا المعتادة قبل الوصول للمكتب؛ فالكثير من النجاحات تبدأ ببارقة أمل صباحية، وبالقليل من التفاؤل والاهتمام، حينها حتى وإن تعثرت خطواتنا أمام شيء ما، فإنه لا يعني أن يومنا كان سيئًا، وإنما هي عثرات النجاح والتقدم.

وبهذا التفاؤل الصباحي يُساعد الإنسان نفسه على النجاح؛ فعقل الإنسان يلعب دورا كبيرا في تحديد سلوكياته ونجاحاته، وحين نستيقظ بنشاط ونفكر في بدء يوم جميل، فإننا نستقبل تلك الرسائل من العقل الذي يمكن القول بأنه المسيطر والمتحكم بما نحن فيه، فحياتنا ما هي إلا حصاد لناتج أفكارنا، وترجمة لها، وهو الأمر الذي ينعكس على سلوكياتنا المختلفة، ويجعلنا نجد أن هناك أمورا تحصل كما خططنا لها، وهي أمور لم تحدث بمحض الصدفة، وإنما جاءت ترجمة لما يمليه علينا العقل وما يطلبه منا، وحين ننساق لطلباته سنشعر أننا نحقق ما نريد ويظل الراسخ في أذهاننا أن ما حصلنا عليه يأتي بسبب التفاؤل الذي استيقظنا عليه، وتبدأ الفكرة تعلق في أذهاننا على أن الصباح الباكر هو هدية السماء لنا لنحقق بها جميع أمنياتنا.

ولأنني أتقاسم هذا الصباح المليء بالجمال مع غرباء لا أعرفهم، وأناس لا تربطنا بهم صلة بعيدًا عن العاصمة مسقط، فإنني أشعر بأن الجمال لا يقتصر على مكان معين، والسعادة لا ترتبط بأناس نعرفهم فقط، وإنما هي مرتبطة بكل من هم حولنا، وبغرباء لا نلتقيهم إلا على طاولة الفطور ليتجاذبوا معنا أطراف حديث عن روعة الصباح وجماله، وعن سبب وجودنا هنا دون أن يوجهوا لنا السؤال عن الاسم أو الانتماء والهوية، كونهم يدركون جيدا أننا لن نلتقي مرة أخرى؛ لذلك الاكتفاء بقضاء ساعة من الوقت مع غريب يخبرنا عن خيباته ونجاحاته أجمل من قريب يبحث في عثراتنا.

عندما نجد ذلك الغريب الذي يحدثنا عن حياته دون تحفظ، سنشعر كم أن الحياة بسيطة وسهلة، ولا تحتاج ذاك الكم من التعقيد، وأن الصباح هو الهدية الإضافية من الله لكل المستيقظين ليمنحهم يومآ إضافيا يحققوا فيه ما يريدون، وليقدم لهم السعادة في تفاصيل يوم بالكامل قد يكون حرم منه شخص آخر.. كل ما في الحياة من جمال لا نراه إلا إذا فقدنا جزءًا منه، فمن لا يملك فرصة النظر من خلف شباك منزله لجمال ما حوله، لن يستطيع النظر لأي جمال يصادفه، عكس الشخص الذي يجد في كل دقيقة من حياته جماليات، ويجد في كل صباح يمُن الله عليه فيه بالنعم التي لا تحصى.. استشعارًا بما حولنا، والامتنان لكل ما نحن فيه.

فهيا استيقظوا لتبدأ الحياة بكم من السعادة، استيقظوا ليسعد الآخرين بكم، استيقظوا على أغنيات فيروز وزقزقات العصافير وانتظار الطلاب لحافلات المدارس، استيقظوا لتعلموا كم أن في الحياة مساحات من السعادة لا يشعر بها إلا من استيقظ باكرآ ليلحق بكل محطات الصباح قبل أي شيء آخر.