أين يختبئ النجاح؟

 

مدرين المكتومية

الحياة مليئة بالمواقف والأحداث، والمتغيرات والظروف، وعادة ما يمر جميع البشر بمواقف مُتعددة، صعودًا وهبوطًا، بناءً على طريقة حياته واختياراته، التي تتماشى مع شخصيته وميوله ومشاعره، لكن ذلك لا يمنع من أن تجد بعض الأشخاص يتشابهون في الصفات والاختيارات، لكن المؤكد أنَّ الطريق نحو النجاح يعتمد على القدرات الشخصية للفرد، لأنَّ النجاح تجسيد للنزعة الفردانية في ذات كل إنسان.

نحن في الحياة نعيش المواقف والأحداث التي نريدها وفق ما يمليه علينا تفكيرنا، نتأثر بالظروف المحيطة بنا، نتعايش مع الكثير من ردات الفعل ومع العديد من الصدمات، لكننا لا يُمكن للحظة أن نغفل أن هناك رغبة داخلية هي التي تحمينا من اليأس ومن السير في دروب المعاناة، إنها الرغبة نحو تحقيق السعادة، فمهما كان الإنسان بائسًا يسعى بكل جهده لأن يجد سبيله نحو الفرحة، حتى تحولت هذه الرغبة إلى ما يمكن أن أسمّيها "صناعة"، نعم! صناعة الفرح، صناعة السعادة، صناعة النجاح، صناعة الأمل، والخروج من المألوف، والبُعد عن التفكير السطحي، والتمعّن في المواقف ودراستها بحكمة ورَوِيّة، خاصة وأن كل شخص بمقدوره أن يكون كما يريد هو، لو آمن لمرة واحدة أنه قادر على ذلك!

الإنسان الناجح إنسان قادر على أن يتكيف مع الحياة بكل ما تقدمه وتسلبه منه، قادر على تقبل فكرة أن الأشياء التي يمتلكها اليوم قد تغادره في لحظة وتنتقل ليد أخرى، يجب عليه أن يتقبل فكرة أن الخسارة لا تعني الفشل وأن الأعذار والظروف ماهي إلا خدعة يمارسها العقل لنخفف بها على أنفسنا عبء الفشل أو الخسارة.

إننا في كثير من الأحيان نقع في فخ التفكير السلبي الذي يسلب منَّا اللحظة الجميلة التي لا تتكرر، والذي يمكنه أن يأخذ منَّا أبدية الأشياء التي أعتقدنا أنها لن تكون إلا لنا مدى العمر دون أن ندرك للحظة أن لكل شيء تاريخ انتهاء كما هو مع الأطعمة المعلبة، الإنسان دائما بحاجة لأن يحدد لنفسه دائماً خط عودة إذا ما كان المسار مغلقاً، وخط للبدء من جديد إذا تطلب الأمر البدء.

نحن بحاجة دائمًا إلى جهاز إنعاش لأنفسنا، حتى لا يُسيطر علينا التفكير السلبي ونعتقد ألا مجال لتجاوز أفكارنا الضيقة ومعتقداتنا التي ربما تكون خاطئة، نحتاج إلى جهاز يدق جرس الإنذار دائمًا إذا ما سرنا دون بوصلة، ومن هنا يتعين علينا تحديد أهدافنا بطريقة صحيحة تضمن نجاحنا في كل خطوة نخطوها.

إنَّ النجاح هو الثمن الذي يدفعه المجتهد، ولا يمكن أن يشعر به أحد سوى صاحبه مهما قدم شروحًا لكل ما قام به، ومهما شارك في محاضرات لإلهام الآخرين طريق النجاح، لن يحقق أي فرد منَّا النجاح سوى بإرادته الشخصية؛ لأن فكرة النجاح في الأساس تبدأ من البيئة التي ينشأ فيها المرء، وتتبلور بالظروف التي صنعت ذلك الشخص بجانب التحديات التي واجهها وصاغت شخصيته، والتي غالبًا ما تظهر في صورة خسائر أو لحظات السقوط التي واجهها، من الأقنعة التي سقطت أمامه، من كل الأشياء التي طبعت الألم في صدره واعتصرته، من كل شيء كان سببًا في أن يخلق شخصًا فاشلًا، إلّا أنه رفض الاستسلام لشبح الفشل، وظل يتمسك بآخر قشة نجاة ليصل..

وأخيرًا.. النجاح نزرع بذوره بأيدينا وجهدنا، وينمو بأفكارنا وصمودنا في مواجهة التحديات، لذا لا مجال للفشل إن استطاع الإنسان أن لا يتذرع بالأعذار ويطلق المبررات لكل ما قد يلاقيه من متاعب الدنيا، لأنها ببساطة... سنة الحياة!