الإيجابية في مواجهة خطاب التذمر

 

حمود بن علي الطوقي

ينتابني شعور بالإحباط عندما أتابع ما يُنشر بين الفينة والأخرى في شبكات التواصل من مقاطع صوتية ومصورة من قبل البعض سواءً تلك المقاطع الهابطة التي تعكس تدني المستوى الفكري وقلة الوعي لدى هؤلاء أو تلك المقاطع التي تؤجج وتنشر الفتنة بين أبناء المجتمع بحجة أنَّ من حقهم التعبير وأن حرية الرأي مكفولة للجميع.

حقيقة الأمر يجب علينا أن نتوقف حول نقطة حرية الرأي وأن نضع تحتها خطوطا لكي ننطلق من مبدأ تقبل الرأي والرأي الآخر"فالرأي الذي يطلق ويراد نشره يجب أن يكون مبنياً على الحقائق والوقائع ويجب أن يناقش من خلال مبادئ الحوار البناء الذي يعود علينا بالنفع بدلاً من التَّذمر وجلد الذات، فأرى وحسب مُتابعتي أن خطاب التذمر لدى فئة بسيطة من أبناء المجتمع يستقطع حيزا كبيرا من الوقت وهو خطاب لا يسمن ولا يغني من جوع، بل يكون بمثابة مسمار يخدش نقاء وبياض الجدار، وتتكسر مجاديفه ويبقى محور النقاش بلا طعم وبلا رؤية، وأيضا بلا هدف.

طبعاً أعني هنا الحوار الذي يتغلف بالضبابية والسوداوية ويثيره البعض في أطروحاتهم دون أن يتمتعوا بأدنى أبجديات الفكر والنقد البناء الذي ينشده الجميع لأنه نقد يبحث عن التغيير ويقدم حلولا جوهرية ومنطقية ويطرح أفكارًا خلاقة ونيرة تساهم في مد جسور التعاون بين أبناء المجتمع.

في الوقت الذي تشتد لغة الحوار السوداوية بين المتذمرين نرى في المقابل المخططين يمضون في ترجمة أهدافهم إلى واقع فعلي دون الالتفات إلى الوراء بل يمضون نحو الأمام بثبات وبإخلاص في تأدية واجبهم دون كلل أو ملل.

شخصياً أنا من أشد المؤيدين للحوار شريطة أن يكون الحوار هادفاً وبناءً ولا يمنع من تنظيم جلسات حوارية تطرح فيها الأفكار وتناقش في ظل دعوة المسؤولين وهنا أرى أن تنتعش جمعيات المجتمع المدني وتقوم بهذا الدور في تنظيم اللقاءات التي تعود بالنفع على الوطن وتنطلق من أرضية صلبة وتناقش المشكلة من منظور واقعي وتبحث عن الحلول بحيث ينتهي الحوار بقناعة تامة بالنتائج محور النقاش حتى وإن لم يؤخذ بها ولكنها تنطلق من مبدأ الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية.

جميل جدًا أن تكون الآراء في حواراتنا متباينة وتنطلق من مبدأ العلم بالشيء وحتى وإن تفاوتت الأطروحات يظل النقاش بعيدًا عن اللغة السوداوية هذه اللغة التي وللأسف الشديد هي المهيمنة على واقعنا الاجتماعي.

علينا أن ننظر حولنا لنرى كم نحن سعداء بأننا نعيش في بيئة تستمع إلى الرأي والرأي الآخر هذه البيئة التي أعطت ومنحت المتحاورين السبل الكفيلة لطرح ومناقشة القضايا التي تعود بالنفع على المجتمع

علينا أن نغرس لغة الإيجابية في نفوس أطفالنا فهم عماد المستقل وهم من سيحملون اللواء ويقودون قاطرة التغيير البناء والإيجابي فهذا الجيل يتأثر بمن حوله وبما يناقش من قضايا اجتماعية وغيرها لذا علينا أن نؤهله للبناء والتعمير وليس للحوار الذي يحتدم بالسوداوية وبفكر هش ورؤية ضيقة.

الجيل القادم يجب أن يقف على أرضية صلبة وينغمس في حب العمل ويحمل شعاع التنوير لأنه بالاختصار طاقات ستحدث التغيير بشرط أن تتمسك بلغة الحوار البناء.