أشجار النارجيل في خطر!

 

سيف بن سالم المعمري

خلال زيارتي لموسم الخريف بمُحافظة ظفار لهذا العام، استوقفني النمو المطرد الذي تشهده المحافظة بشكل عام ومدينة صلالة بشكل خاص في الجانب العمراني السكني والتجاري والمنشآت الفندقية بمختلف درجاتها، وهو مبعث للسرور لكل زوار المحافظة والذي بدوره سيُسهم في تنمية الحركة الاقتصادية بشكل عام والقطاع السياحي بشكل خاص.

لكن النمو العمراني المطرد في مدينة صلالة جاء على حساب الأراضي الزراعية -وللأسف الشديد -ومن يلحظ بالعين المجردة ذلك النمو يحز في نفسه أنه أقتطع مساحات كبيرة من بساتين أشجار النارجيل في مدينة صلالة على وجه التحديد، صحيح إن هناك شحاً في المعلومات الرسمية عن عدد أشجار النارجيل، ومساحات الأراضي المزروعة، وكميات الإنتاج من النارجيل الموجودة في أسواق محافظة ظفار خاصة، وأسواق السلطنة عامة وكميات النارجيل التي تصدر إلى أسواق دول الجوار-إن وجدت- وحجم إسهام أشجار النارجيل في القطاع الزراعي المحلي.

وسعيت جاهدا للحصول على معلومات دقيقة عن كل ما يتعلق بأشجار النارجيل في السلطنة، ولم أجد سوى ما جاء في الكتاب الإحصائي السنوي الصادر في أغسطس 2017م عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات، فقد تضمن الكتاب في القسم الخامس: الزراعة، في الصفحة(141) والمتعلقة بتقديرات المساحات المزروعة والإنتاج حسب المحصول على مستوى السلطنة إن محصول النارجيل يأتي ثانيا في المساحة المزروعة وكميات الإنتاج من بين محاصيل الفاكهة في السلطنة بين الأعوام من 2014-2016م حيث بلغت المساحة المزروعة من المحصول في عام 2014م مقدار 1517.03 فدان، وهي ذات المساحات في عام 2016م، بينما بلغ كميات الإنتاج 6.73 طن، وفي عام 2016م بلغ الإنتاج 6.64 طن، وبطبيعة الحال فعندما نتحدث عن أشجار النارجيل فهي التي تنفرد بزراعتها مدينة صلالة دون غيرها من ولايات السلطنة.

إنَّ الأهمية التي تكتسبها أشجار النارجيل في السلطنة تأتي من كونها ثاني أكبر محاصيل الفاكهة في السلطنة بعد أشجار النخيل، من حيث المساحات المزروعة وكميات الإنتاج، فضلاً عن أنها شجرة تتفرد بها السلطنة عن بقية دول المنطقة، كما أن لها أهمية غذائية ويمكن أن يستفاد منها في صناعات تحويلية متعددة، إلى جانب أنها رمز حضاري للسلطنة بشكل عام ومحافظة ظفار بشكل خاص، حيث إن الزائر لمحافظة ظفار يحرص على ألا يفوت زيارة محلات(كشكات) بيع النارجيل في مدينة صلالة، ولا يُغادر المدينة إلى بلده إلا وتجده يحمل كميات كبيرة من النارجيل لأقاربه وأًصدقائه.

 إن الخطر المحدق الذي يتهدد أشجار النارجيل في مدينة صلالة يتمثل في الزحف العمراني المطرد على الأراضي الزراعية، وغياب الرؤية المشتركة من قبل عدة جهات للمحافظة على هذا المحصول الاستراتيجي، فوزارة الزراعة والثروة السمكية معنية بشكل مُباشر بالحفاظ على الأراضي الزراعية وتنمية المزارعين وحثهم على الاهتمام بزراعة  فسائل جديدة، والإكثار منها، وعدم السماح لتغيير استخدامات الأراضي الزراعية بالتعاون مع وزارة الإسكان ومكتب وزير الدولة ومُحافظ ظفار، والمجلس الأعلى للتخطيط وجمعية البيئة العُمانية والجهات ذات العلاقة، كما أنه من الأهمية أن توجد استراتيجية وطنية لتنمية القطاع الزراعي والحيواني ورفع مستواه في الناتج المحلي الإجمالي لتكون رديفة للقطاع السياحي في محافظة ظفار على وجه التحديد، فخصوبة سهل صلالة ومناخها المثالي للنشاطات الرعوية والزراعية وتربية الماشية، تجعل منها سلة غذائية وتعزز سياسة الأمن الغذائي للسلطنة، فهل استشعرت الجهات المعنية أن أشجار النارجيل في خطر، وأن المساحات التي تزرع فيها تشهد انحسارا ملحوظا عاماً بعد عام، وأن النشاط العمراني يهددها بالانقراض من صلالة.

فبوركت الأيادي المخلصة التي تبني عُمان بصمت ،،،

Saif5900@gmail.com