الطريق أخلاق قبل أن تكون مسارًا للسيارات

 

حمود الحاتمي

 

كل يوم تبشرنا وزارة النقل والاتصالات بافتتاح طرق في مختلف محافظات السلطنة لتواكب الأعداد المتزايدة من المركبات وفك الاختناقات المرورية، وتسهيل الحركة وكذلك التحديث الذي طال أوجه الحياة في عمان.

وسعت وزارة النقل والاتصالات إلى تأهيل الطرق القائمة وإنشاء طرق حديثة على أعلى مستويات، ويقف الطريق السريع بالباطنة وكذلك تأهيل طريق نزوى ثمريت وازدواجية بدبد - صور من منجزات الوزارة الرائدة.

حركة دؤوبة كل صباح نشاهدها على شوارعنا مع تزايد أعداد المركبات الذي جعل المشرع العماني يصدر قانون المرور الذي ينظم حركة السير؛ ومع ذلك نشهد كل يوم حوادث مميتة يذهب ضحيتها شباب في مقتبل العمر ولأسباب متعددة ولكن أهمها ما يتعلق بسلوك السائقين في الشارع.

السلطنة قامت بإجراءات عديدة للحد من الحوادث من خلال نشر الوعي المروري، وكذلك وضع تشريعات تجرم السلوكيات التي تصدر من السائقين وتتسبب في الحوادث؛ فيما قامت الفرق التطوعية والمؤسسات الأهلية بحملات توعوية للمجتمع، استخدمت فيها وسائل متنوعة وفاعلة منها المسرح واللقاءات المجتمعية والمعارض المرورية.. إلخ

ومع ذلك يجول في خاطري سؤال أين دور الأسر في توعية أبنائها؟ هناك شواهد لدى الأسرة هل ابنها ملتزم بقواعد السير أم لا؟ هل يراقب الأب ولده كيف يقود سيارته ويعرف كيف ينظر الابن إلى السيارة هل هي للاستعراض والتفحيط أم للتنقل من مكان لآخر وحسب الحاجة؟ ما معنى أن يسمح الأب لابنه بشراء سيارات الاستعراض وهي في الحقيقة غير ذلك ويقوم بإزعاج أهل حارته بها طوال الليل؟ هل راقب الأب أبناءه أثناء القيادة هل يلتزم بمساره أم يأخذ الطريق طولاً وعرضًا غير آبه بمن حوله مستخدمي الطريق؟

هناك سلوكيات صرنا نشاهدها في طرقاتنا ويندى لها الجبين وهي تحت سمع ومرأى الأهل ومنها: الاستعراض والسرعة الزائدة التي تفقد التحكم في القيادة والتضييق على السيارات التي أمامهم من خلال إشغال المصابيح وبحركات مزعجة تنم عن سلوك غير رشيد والتجاوز الخاطئ واستخدام مصابيح ذات أضواء تسبب الأذى لمستخدمي الطريق.

ولعلّ السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان هو كيف يحصل الأبناء على المبالغ للتزويد في حين أن بعض الأسر تعاني من ضعف الدخل وزيادة الأعباء المالية على الوالدين. الحكومة ومعها المؤسسات الاهلية والفرق  التطوعية  قامت بجهد جبار من أجل نشر السلامة المرورية ومع ذلك مؤشرات الحوادث في ارتفاع وهنا بحاجة إلى إعادة النظر في بعض التشريعات ومنها ما يتعلق بإعادة تصميم المركبات ومنع سيارات الاستعراض ومحلات التزويد، وتغليظ العقوبات  للسلوكيات الخاطئة ومراعاة ترخيص أماكن تقديم المشروبات الروحية ومدى قربها من الطرق العامة.

كذلك وصول الرسالة المرورية إلى المستهدفين الحقيقيين من الشباب وليست عبارة عن عروض إلكترونية يحضرها المشايخ والرشداء وتحت رعاية سعادة الوالي أو المحافظ والعاشقين للجلوس في الصفوف الأمامية في مثل هذه المناسبات.

علينا أن نذهب إلى القرى التي وصلتها الطرق حديثا وننشر فيها السلامة المرورية نظراً لابتهاج شبابها بوصول الشارع لقراهم فيجعلهم يخترعون سلوكيات خاطئة تسبب حوادث مميتة ذهب ضحيتها أناس أبرياء. علينا أن نرصد حالات الشباب الذين لديهم سوابق في مخالفة السير وتقويم سلوكياتهم هناك من الشباب قاموا بحوادث متكررة فعلينا أن نغير من أسلوب التعامل معهم.

لكن الدور الأكبر هنا يكون على الأسرة هناك أسر أغلقت بيوتها بسبب الحوادث وكم شاركت في تشيع جنازة وفاة بسبب الحادث، لكنّها لا تحرك ساكنًا نحو أبنائها لا تنصح ولا تُقوّم سلوكا وتترك الحبل على الغارب.

رسائل مرورية:

إلى الشباب: السيارة التي تقودها هي وسيلة نقل وليست استعراض، ما يجذب انتباهي إليك هو حسن خلقك والتزامك بقواعد السير وليس حركاتك الاستعراضية.

إلى الأسرة: متابعتك لسلوك ابنك في استخدامه للطريق وتقويمه يعكس سلوك العائلة ومدى تقيد أفرادها بقواعد السير؛ وسلوك الأب والأخ الأكبر منهج خفي يدرسه باقي أفراد السرة.

إلى الجهات الحكومية: وفروا المبالغ التي تُصرف على الحفلات التي تقام بمناسبة أسبوع المرور واستخدموا وسائل التواصل الاجتماعي فهي الأفضل في عالمنا اليوم واستهداف الشباب والفئات العمرية المختلفة وبوسائل أكثر تأثيرا.

إلى المؤسسات الأهلية: نتمنى ألا تكون مشاركاتكم موسمية وهي تستهدف الجوائز التي ترصد بل هي نهج عملي ممارس.

إلى الفرق التطوعية التي تعنى بالسلامة المرورية: تحية من الأعماق أبعثها لكم فأنتم تيجان النور الذي ينثر ضياءه في كل مكان وتكامل الأدوار يخلق عملا رائعا يبقى أثره في المجتمع دمتم ودام عطاؤكم.

علينا أن نتذكر أنّ الطرق أخلاق قبل أن تكون مسارات لمركباتنا.. ودمتم سالمين.

alhatmihumood72@gmail.com