حكاية شارع الحب.. بلاغ لمن يهمه الأمر!

 

 

 

حمود الطوقي

 

كثيرا ما أتردد على شارع الشاطئ، وإن شئت تسميته شارع الحب، خاصة في فترة ما قبل طلوع الشمس، أسرار عديدة يحملها هذا الشارع الجميل، فمنذ الصباح الباكر، وقبل أن تفضي الشمس الذهبية أشعتها، رونقا وجمالا تبدأ مع عشاق الشارع حكاية، وفي كل يوم حكاية ورواية، أبطالها مواظبون على رسم البسمة، تتكسر مع عباب البحر، فهناك من الأبطال من يعشق الشارع ولا يستغني عنه، فهذا شيخ يمارس رياضة المشي بهدوء وسكينة، وخلفه شباب يرتدون الملابس الرياضية ويمارسون هوايتهم في الجري، وهناك عجوز تمشي برفقة ابنتها وهي حاملة مسبحة تسبح الله في كل خطوة تخطوها، وهناك من يكتفي باستنشاق الهواء العليل ومخاطبة البحر، وهناك عشرات من العمال ينتشرون في الشارع يحملون أكياسا صفراء لتنظيف ما اقترفته أيادي المخربين في ليلة البارحة، وهناك من الطيور التي تأتي كي تلتقط بقايا من أفعال البشر، وتلوح في الأفق رافضة هذا السلوك البشري، وكأنها تبوح قائلة للمتنزهين: إذا أردت أن تعرف ما إذا كان هذا المجتمع أو هذا الشعب متحضرا أو لا، فانظر إلى شواطئه، فبقدر ما ترى من تشويه متعمد، تستطيع أن تحكم بدون عناء على هذا الصنف من البشر، والسلوكيات المتخلفة التي تكشف عن ثقافة التخلف، التي لا أول لها ولا آخر، في الشكل والمضمون معا.

 

هي سلوكيات تجعل الرأس يشتعل شيبا، وتطرح علامات استفهام واستنكار وتعجب، تهاجمك بزفيرها بلا شهيق، ومظاهر التعجب السلبي تجهض فيك الأمل في أي إصلاح، طالما أن طائر اللامبالاة والإهمال واللاقانون ينعق في الأجواء.

لن أتحدث عن بقية الشواطئ فهناك غيري تحدث عنها، وسأركز الحديث عن هذا الشارع، الذي أجده يجهض يوميا من تصرفات غير مسؤولة.

فما عادت للطريق حرمة، ولا عادت للسير آداب.! فالأزمة أزمة أخلاق، لكن أكثر الناس لا يعقلون، وإذا عقلوا يستهينون ويستهترون ببعضهم وبالقانون.

 يبدو أنّ هناك حاجة ملحة إلى أن يكون للشواطئ قانون كقانون الأحوال الشخصية، وهو السائد وهو الأقوى..

 

سوف أهمس في أذن المسؤول، وأدعوه لزيارة هذا الشاطئ وهذا الممشى، وهذا الشارع أو ذاك الطريق، فسيصفرّ وجهه حين يرى أنّه أخفق، ولم يهتم، وأنّه خان مسؤوليته تجاه المحافظة على مكتسب من مكتسبات الوطن، وعليه واجبات ومسؤوليات، وليس عليه أن يكتفي بالعمل المكتبي، بل عليه اللف والدوران من أجل المحافظة على راحة البشر.

هكذا يتمنى عشاق شارع الحب، أي أن تكون هناك قوانين صارمة، تُجرّم هؤلاء المخربين والمستهترين الذين نصبوا أنفسهم مُلاك الطريق، يفعلون ما يشاءون دون رقيب ولا حسيب.

استفزّني هذا الحوار بين رجل محترم وبين شاب كان يرمي قنانة مياه فارغة، قال له بأدب جم: من فضلك لا ترمي القناني، بل ضعها في سلة المهملات، فكان الرد المقابل: إذا ما عاجبنك روح اشتكي.

 

هؤلاء الشباب اللامسؤول ينتشرون في كل مكان وفي كل شارع عام وفرعي، وفي كل مدينة وكل حي، لا يعملون ولا يكدحون، بل يمارسون الفوضى، وهي ظاهرة ليست خافية على أحد، لكننا نتجاهلها، فتطغى وتستشري، مما يجعلنا نتساءل: أين الأجهزة المختصة؟ أين قانون الشواطئ؟ أين المرور؟ أين الشرطة السياحية أين.. وأين ...؟؟!

هذا وجع يومي، صار مزمنا، ولا يريد أحد أن يعالجه أو حتى يسكنه، ولو على طريقة علاج السرطان بقرص إسبرين...!!!

 

 

هذا بلاغ أقدمه لمن يهمه الأمر..

 

 

الورقة الأخيرة

 

القانون يجب أن يكون كالموت، لا يُستثنى منه أحد..!