مفاجآت دوري الأبطال الأوروبي.. هل هي منطقية؟!

 

 

حسين الغافري

 

(1)

 

أسبوع ناري انطلقت فيه حلقات الجُزء الأول لدوري أبطال أوروبا، وقد حملت مُفاجآت مُثيرة ونتائج كبيرة. فصل أول من مُباريات ذهاب الدور الثاني للبطولة الأوروبية الأعّرق والأغنى جاءت كعادتها مُمتلئة بكم هائل من المُتعة والفن الكروي المُطرب. ومن المؤمّل أنّ الجزء الثاني لمباريات الذهاب غير مُسّتبعد له أن يكون مُماثلاً.. وبقيّة الأدوار القادمة!

المُفاجأة الأولى والأكبر تمثّلت في السقوط الحر الذي أصاب برشلونة وكيفية حدوثه. رباعية بيضاء وبأداء صفر من جُلّ المجموعة مع حضور ذهني وفني قابله من قِبل النادي الفرنسي باريس سان جيرمان. مُباراة وبحقيقة الأمر لا ينّبغي الوقوف عليها كثيراً من الناحية الفنية خصوصاً من جانب الضيف؛ فبرشلونة لم يُقدم شيئاً يُذّكر إطلاقاً طيلة التسعين دقيقة، وكان كالميت الذي يتلقى الطعنات دون أي ردة فعل. وحتى لا نتجاهل الأداء الباريسي الكبير والمميز، فمؤكد بأنّهم كانوا فالموعد وبحضور ذهني تام كما ذكرنا أجادوا من خلاله وأجّهزوا على برشلونة من كل الجهات، ووضعوا قدماً ونصف القدم في الدور المُقّبل. ولعلي أستذكر مقولة دقيقة أستشّهد فيها أحمد مختار أحد الكتاب الرياضيين عبر تويتر وتصف حال برشلونة هذا الموسم ستذّكر فيها مقولة الشيخ عبد ربه التائه في أصداء سيرة نجيب محفوظ، حينما سُئّل كيف تنتهي المحنة التي تُعانيها؟! فأجاب: إن خرجنا سالمين فهي الرحمة، وإن خرجنا هالكين فهو العدل. عموماً؛ لا زالت هُناك مباراة إياب وشحذ الهمم الكتلونية تحدّث عنه أغلبية اللاعبين. وقلب النتيجة وإن كان صعباً للغاية فهو ليس بمُستحيل. ومن وجهة نظر شخصية أراها مستبعدة بدرجة كبيرة لنادٍ غير برشلونة خصوصاً إذا ما كان في يومه. لما يمّلكه من لاعبون بمستوى عالٍ أثبتوا قدراتهم في مباريات كثيرة وفي منافسات تطلبت حضورهم ككتلة واحدة مُجيدة. العودة وقلب النتيجة الثقيلة سيعيد برشلونة ولاعبوه وجماهيره إلى الإيمان بموسم مثالي لربما.. أو قد يُبكّر في فقدانهم أولى الألقاب خصوصاً بعد ابتعادهم كثيراً عن ريال مدريد متصدر الدوري المحلي وإن لم يحدث فإنّ الباريسيين يستحقون تجاوز برشلونة والذهاب بعيداً.

 

(2)

 

المفاجأة الثانية وإن كانت حسب رأيي بأنّها ليست بمفاجئة في رؤية سقوط جديد لآرسنال الإنكليزي أوروبيا. هذه المرة بخماسية على استاد أرينا أمام العملاق الألماني بايرن ميونخ. حقيقة ما عُدنا نأمل كثيراً من أرسنال أوروبياً أو في البطولة المحلية. فالفريق ومع ما يملكه من أسماء فنية بمستوى كبير يخيّب ظننا كثيراً في المواعيد الكبرى. وكالمعتاد ها هو أرسنال على أعتاب خروج أوروبي آخر ومع فرصة ضعيفة أو شبه معدومة بتتويجه باللقب المحلي. أرسنال وحتى يعود لمكانه الطبيعي في تحقيق الألقاب بحاجة إلى "تغيير عقلية" وإعادة هيكلة فكرية في إدارته الفنية. "الجنرز" لم يعُدّ ذات نفس طويل وأداء ثابت كما عرفناه أيام هنري وبيرس وفييرا سول كامبل والبقية، وأولى الخطوات تتمثل في إدارة فنية جديدة وبإضافة أسماء جديدة تُحقق الهدف المنشود.. عندها يمكن الحديث عن أرسنال كفريق طموح بنيل الألقاب وتجاوز الموال الحالي في تكوين النجوم وتطويرهم وبيعهم لكبار القارة العجوز بمبالغ كبيرة.

 

(3)

 

وفي آخر مباراتي الأسبوع فقد حقق ريال مدريد المطلوب منه وتفوق على نابولي الإيطالي بثلاثة أهداف لهدف. لا يمكن الاختلاف على أن ريال مدريد سيد البطولة الأوروبية وخبير في المواعيد الكبيرة خصوصاً من ناحية اقتناص الفوز وتحقيق النتيجة المطلوبة. ومع ثقتي بأنّ نابولي فريق يخلق المتاعب لأي نادي كبير ويملك عزما وجهدا كبيرين؛ إلا أنّ حضوره أوروبياً يحتاج إلى خبرة أسماء لا يمّتلكها كثيراً عند المقارنة بريال مدريد. الملكي يملك مجموعة مثالية ولحمة واحدة خصوصاً في خط الوسط الذي يقود دفة الريال بدرجة تصل للكمال. ومن جانب مباراة بروسيا دورتموند الألماني وبنفيكا فمع تأخر الألمان بهدف إلا أنّهم قدموا مباراة كبيرة وأهدروا مجموعة فرص كانت من الممكن أن تُريحهم إياباً.

ختاماً، أعتقد بأنّ مباريات الذهاب شكّلت ملامح المتأهلين بدرجة كبيرة. عودة برشلونة وأرسنال ثقيلة وبحاجة إلى شيء ما يُشّبه "المُعّجزة" أمام أندية تمتلك رصيد بشري كبير في كل المراكز، ومن هُنا تكّمن الصعوبة. إلا أنّ عنصر الإثارة والقتالية سيبقى مفتوح على مصراعيه في لقاء نابولي. أمّا بروسيا دورتموند فحظوظه فهو الأوفر حظاً في ترجيح كفته والعودة من نتيجة الهدف الذي تلقاه على استاد بنفيكا بالبرتغال.

HussainGhafri@gmail.com