أين الخلل ؟

علي بن بدر البوسعيدي

أعرف مسؤولا في إحدى المؤسسات الحكومية تحيط به الحراسة المشددة إحاطة السوار بالمعصم.. تمثل سدًا مانعًا أمام من يحاول الاقتراب منه.. وبعبارة أخرى لسان الحال يقول "عفوًا لا يمكنك الوصول إلى المسؤول المطلوب".. أنا شخصيًا لا أعرف الظرف والدواعي القاهرة التي حدت بهذا المسؤول لوضع حراسة حوله.. لذا لن أطالبه بترك الحراسة والاختلاط مع الناس، فربما عمد إلى ذلك مضطرًا بسبب تكالب المراجعين عليه يومًا في ممرات المؤسسة أو على الطريق أو أمام باب المؤسسة، وأحيانا في مكان عام مع أسرته دون مراعاة لظروفه..

بالطبع إن حدث ما توقعته فهذا التكالب غير الجميل مرفوض تماما من قبلي، فهو أولا يقودنا إلى الفوضوية، وثانيا إلى عدم المهنيّة، وثالثا، يضرب بالجهود المبذولة في ترسيخ الحكومة الإلكترونية والحوسبة عرض الحائط، ورابعا أنّه يعطي مؤشراً ورسالة سالبة تشير إلى إخفاق الجهات التنفيذية في تلك المؤسسة التي يتبع لها هذا المسؤول في معالجة أحوال المراجعين وقضاء حوائجهم.. وخامسا أن البلبلة والمزايدات ستعم أكثر وتصبح مصدرًا للشائعات والقيل والقال إن تمّ تصوير وقائع حديث المسؤول مع أحد المراجعين، وربما يُحمل أو يُفهم خارج سياقه الطبيعي المألوف..

لابد لنا في زمن الرقمنة والتطور هذا أن نرتقي بأسلوبنا في المعاملات ومراجعات المراجعين، ولابد أن نساير التكنولوجيا الحديثة ونستفيد منها بفتح قنوات التواصل بين الجهات الرسمية والمؤسسات الحكومية وبين المراجعين لعرض قضاياهم ومن ثم البت فيها.

هناك ضرورة ملحة تدفعنا للقول أنّه لابد من تفعيل برامج التواصل الإلكترونية مع المراجعين بصورة علمية وعملية في كل القطاعات الحكومية والقطاعات الخاصة أيضا، وأن يتم تطوير مواقع المؤسسات الإلكترونية من حيث جودة استقبال طلبات واستفسارات المراجعين والرد عليها بأسرع ما يمكن.. ولا ضير في أن يبادر المسؤولون إلى فتح أبواب مكاتبهم وفق ترتيب وجدولة زمنية محدد وبطريقة منظمة لاستقبال المراجعين والاستماع إلى مشاكلهم؛ فالمسؤول وجد أصلا للعمل على راحة المواطن ونفع الوطن به، وبهذه الخطوة لن يحتاج المراجع إلى ترصد المسؤول أو البحث عن سانحة لعرض مشكلته ومراجعته عليه..

أيضا أقترح منح مديري العموم بالولايات صلاحيات وسلطات أكثر لحل قضايا المراجعين في الولايات منعا للازدحام والضغط على الوزارات والمؤسسات، وترسيخًا لنهج اللامركزية الذي يواكب تسارع إيقاع العصر والاستفادة من عامل الوقت.

أخيرا، أناشد أي مسؤول حكومي بأن يكون له حساب على "تويتر" أو "فيسبوك" أو وسائل التواصل الأخرى يقف من خلاله على آراء النّاس واقتراحاتهم وقضاياهم، ومؤكد أنّ هذه الخطوة ستحل كثيرا من الإشكاليات؛ أبرزها البيروقراطية وسلحفائية الإجراءات.