للمعلم هيبة.. فلا تُضيّعوها

عبد الله العجمي

قيل قديماً إنّ هناك شخصين لا يمكن أن تأخذ منهما شيئاً دونما ثمّة تقدير واحترام لهما: الطبيب والمعلم.. لست هنا –يا معلمي- بوارد تقديم النصح والتوجيه لك، مع علم كلينا أنك قد مللت من تلك النصائح والتوجيهات بل و"التحذيرات" أحياناً.. كما وأننا نتفق -كلانا- أيضاً أن ما تتقاضاه لا يفي حقّك.. ولو علموا قدرك ومستواك لأغنوك وأعطوك ودعموك.. فلولاك ما كان المدير ولا المهندس ولا الطبيب ولا حتى الوزير.. ولولا صبرك لما انعقدت لكثير ممن ذكرناهم في الأدب والسياسة والطب ألوية ولا رُفعت لهم رايات ولا شخصت لهم بيارق.. فأنت من وضعت تلك اللبنة الأولى لهم وبسببها لمعت أسماؤهم في الآفاق.. وها أنا -والحق يقال- لولاك لما كنت تقرأ مقالي المتواضع هذا.. وتلاميذك الذين تقلدوا المناصب والرّتب بفضلك كلهم يعلمون ويوقنون أنّ ليس هناك من طريق أفضل للتقدم والرقيّ إلا بالعلم ولا سبيل إلى النهوض بالعلم سوى الاهتمام بك.. ولكن كيف؟؟!! ولتعذروني على الإجابة؛ فالسؤال صعب مرير والإجابة أصعب وأمرّ.

كانت هيبة المدرس قديما تفرض نفسها بنفسها والتي لم يكتسبها بصوته العالي داخل الصفّ بل بسبب الوقار الذي يُغلّف شخصيته حيثما حلّ وارتحل، إذ لم يكن الضرب سبب قوة شخصيته كما يتصور بعض تلاميذ هذا الجيل..

أذكر أنّه حينما كانت إدارة المدرسة ترسل طلب استدعاء لولي أمر يبتدئ الأخير زيارته بالاعتذار والتأسف من المعلم والإدارة على حد سواء وتكاد تكون لغته مليئة بتعابير الشحن الإيجابي وغرس الثقة وتثبيتها في نفس المعلم.. لكن الوضع الآن اختلف تماماً، فنحن –كلنا- نشترك في تضييع هيبته خاصة مع حالات التردي الأخلاقي والكلام النابي لبعض الطلبة.. وأضحى الكبير قبل الصغير لا يتورّع عن التطاول عليه.. فيا أسفاه لما آلت إليه أموره..

أود في هذه المقالة الإعراب عن تقديري وإجلالي لك وبالمقابل أشد على يديك وأشكر إحساسك بالمسؤولية العالية وحرصك على أداء رسالتك وينبغي ألا تلتفت للمثبطين فلتمضِ في رسالتك ولتضع هذه المكانة السامية والمرتبة الرفيعة التي شرفك الله بها نصب عينيك، فما دام لك هدف واضح ورسالة معلومة تشعر بها وتخالج قلبك، فلا تلتفت للمثبطين فإنهم لم يعدّوا العدّة ولم يشدوا الهمة كما فعلت أنت.. ولا تنس أنك تمتهن مهنة الأنبياء وما أعظمها من مهنة فما جاءت هذه الكواكب من الأنبياء والرسل إلا ليمتهنوا مهنة تعليم الناس الخير والصلاح والإصلاح.. ولا تلتفت إلى واقعنا المؤلم الذي لو كان الشاعر أحمد شوقي موجوداً فيه لمات حسرة على ما آلت إليه أموركم.

هذا ما استطعت قوله.. وما لم أقله أكثر مما تتصورون..

[email protected]