عززت الفخر والانتماء وقدمت ملامح الشخصية العمانية

ثلاثية أبناء السندباد ...رسالة عمان الوثائقية للعالم

...
...
...
...
...

 

 

الرؤية - مدرين المكتومية

أثر طيب تركه فيلم أبناء السندباد لدى الحضور عند عرضه في مدينة ميونخ الألمانية، حيث أتاح لهم فرصة التَّعرف على الجوانب التاريخية والجغرافية وملامح الشخصية العمانية وثراءها الحضاري والتاريخي، حيث تجاوب الحضور مع الفيلم الذي يُعد مشجعاً وداعماً للسياحة في السلطنة وكذلك للتَّعرف على بعض مفرداته الثقافية والتاريخية وطبيعة الشعب العُماني وأصالته، وقد عبَّر مجموعة من المثقفين عن إعجابهم الشديد بالفيلم، وأكدوا أنهم يدركون للمرة الأولى هذا العُمق الحضاري ويتعرفون بشكل موسع على التراث العماني الثري بمفرداته، وأبدوا إعجابهم بالطريقة التي اختارها العمانيون لتسجيل حضورهم القوي بين المجتمعات الأخرى.

وكما عهدناها تلعب الأعمال الوثائقية دوراً كبيراً في التواصل مع المجتمعات الأخرى بالعالم وتوصيل الرسالة الحضارية المطلوبة، وقد نجح فيلم أبناء السندباد في تحقيق جملة من الأهداف والوصول بسلاسة وعمق للفئات المستهدفة حتى الآن، واستحق أن يحظى باهتمام ومتابعة جيدة وإعجاب من الحضور، وظل حديث الشارع لفترات طويلة، وهو ما فعله الفيلم الوثائقي في حلقته الأولى "أبناء السندباد" والذي حمل عنوان "إمبراطورية الرياح الموسمية" وفيها تابع الحضور تقديم مدرسة الفكر الإسلامي "الأباضية" والإنجازات في الملاحة البحرية، وكيفية وصول الإسلام إلى الصين، وعن أبو عبيدة عبد الله بن القاسم، إلى جانب طريق الحرير البحري وحطام السفينة على جزيرة بيليتونج وأخيراً جوهرة مسقط، حيث ألقت الحلقة الضوء على القرون الأولى من العصر الإسلامي وتنتهي مع سقوط سلالة عائلة تانغ الصينية، الذي يصادف أيضاً نهاية التجارة البحرية المُباشرة بين الصين ومنطقة الخليج العربي.

فقد بيَّن العرض أنَّ لعُمان خصائص ومزايا حضارية وتاريخية كبيرة تجعلنا نشعر بالفخر كوننا عمانيين نشاهد جزءًا من تاريخ وعراقة هذا البلد، فقد كان الفيلم الوثائقي محط إعجاب كل الحضور دون استثناء، كما تناولت وسائل الإعلام الألمانية أهمية الفيلم، وما احتواه من مُفردات وقيم تاريخية، وتعاملات إنسانية.

 وقد حضر أكثر من 300 شخص العرض الأول لفيلم أبناء السندباد وهو ما يدفعنا للتأكيد على الاهتمام الأوروبي بالشخصية العمانية ومعرفة عراقة تاريخه وأصالته، ومن حظي بفرصة متابعة ردود الأفعال أثناء العرض يمكنه أن يلمس هذا الاهتمام والإعجاب بالشخصية العمانية وتاريخ السلطنة وأمجادها، وبالرسالة التي حارب لأجلها العُماني حتى يتمكن من أن يحملها للعالم، فعندما تشاهد الفيلم وتجد سفينة تتوجه إلى المجهول وتستغرق رحلتها 18 شهراً في عرض البحر من أجل توصيل تلك الرسالة للعالم، يجب أن تتوقف كمشاهد وتتساءل عن ملامح تلك الشخصية العمانية، التي لا تهاب المخاطر، فالبحار العُماني لم يكن يعلم ما الذي يخفيه البحر له، وهل سيصل ليحقق ما يريد، وهو ما يجعلنا نرى أنَّ العماني يسافر مودعاً عائلته "الوداع الأخير" لذلك دائماً يمتزج الوداع بالدموع وحرارة الفراق والخوف من الفقد.

وقد وضحت الحلقة الأولى خبرة وعراقة التُّجار العمانيين من خلال ما أسسوه من تجارة راسخة عبر شبكة بحرية من الشركاء لشراء وتوزيع الموارد الطبيعية والمنتجات المصنعة، ومع مستوى التنمية والانفتاح على العالم آمن العمانيون بالإسلام ووجدوه متوافقاً مع حياتهم ويعود بالنفع على المجتمع والثقافة. ساهم حسهم الأخلاقي وتجارتهم العادلة في إبراز سمعتهم كشريك تجاري أمين.

ومن خلال الفيلم يمكننا أن نكتشف الذكاء في التعاملات التجارية، وقدرة العُماني على فرض شخصيته أمام المجتمعات الأخرى، فالبرغم من حاجته إلا أنّه لم يكن مضطراً لتقديم تنازلات أمام الآخرين، وهي ضمن الرسائل التي تجعلنا نُؤمن بالقدر الكبير الذي يحمله العماني من هيبة وهيمنة ومقدرة على أن يكون كما يُريد.

وقد رويت القصة من وجهت نظر التاجر العُماني أبو عبيدة عبد الله بن القاسم. وذكر في كتاب أحداث ووقائع العرب التاريخية في القرن الثالث الهجري، القرن التاسع الميلاي الذي حدد مسقط رأسه كقرية بهلا. وقد أسس البحارة العمانيون العلاقات التجارية والدبلوماسية مع الصين. ومن خلال التجارة العادلة والمنصفة، كان التجار العرب موضع ثقة وترحيب في الصين. وقاموا بتطوير وتأسيس علاقات طويلة الأجل، بما في ذلك الزواج، وإدخال عناصر جديدة لمجتمعهم، كالدين الإسلامي.

الجدير بالذكر أنَّ الفيلم تمّ عرضه الخميس الماضي في ميونخ، ضمن سلسة أفلام وثائقية عن تاريخ عُمان، حيث يضم الجزء الأول ثلاث حلقات الأولى بعنوان "إمبراطورية الرياح الموسمية" في حين تحمل الحلقة الثانية من الفيلم عنوان "الطريق الى الهند" وتسلط الضوء على الملاح أحمد بن ماجد، أهم آثار البرتغاليين، سقوط قلهات وكيفية مواجهة العنف والتأثيرات البيئية على المجتمع الى جانب عصر الإمام ناصر بن مرشد، أما الحلقة الثالثة فهي بعنوان "نداء زنجبار" وتناقش خسارة عُمان للاستقلال وتجارة الرقيق إلى جانب تجارة القرنفل وانفصال عًمان وزنجبار والنفوذ العماني والأوروبي في شرق أفريقيا والسلطان ماجد، والسلطان برغش وأخيراً السيدة سالمة، ويحمل الفيلم رسالة هادفة بكلمات بسيطة ومعنى عميق "نحو عالم قائم على العدل والاحترام وتبادل المنافع"

 

تعليق عبر الفيس بوك