تركيا ترفض تنفيذ خطوات اتفاق الهجرة قبل إلغاء التأشيرات لأوروبا.. ومقتل 4 جنود في انفجار

رئيس الوزراء المُكلف يرفض تلميحاً بتدخل أردوغان في شؤون الحكومة

إسطنبول - الوكالات

قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمس إن بلاده لن تقوم بأيّ خطوات أخرى بشأن تطبيق اتفاق إعادة قبول المهاجرين مع الاتحاد الأوروبي ما لم يتحقق تقدم في مسألة إعفاء المواطنين الأتراك من تأشيرة الدخول لدول الاتحاد. وأضاف أردوغان متحدثا خلال قمة الأمم المتحدة للمساعدات الإنسانية في اسطنبول أن الاتحاد الأوروبي لم يقدم حتى الآن التمويل الذي وعد به بموجب اتفاق الهجرة ومن جانبه، قال رئيس الوزراء التركي الجديد بن على يلدريم أمس إن الرئيس رجب طيب أردوغان يضطلع بمسؤولياته السياسية كرئيس للبلاد رافضا تلميحات بأن أردوغان يتدخل في شؤون الحكومة. وفي كلمته الأولى أمام البرلمان بعد إعلان الحكومة الجديدة قال يلدريم أيضا إن العمليات ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني في جنوب شرق تركيا الذي تقطنه أغلبية كردية ستستمر حتى يوقفوا هجماتهم.

وفي سياق آخر، قالت مصادر أمنية إن أربعة جنود أتراك قتلوا وأصيب أربعة آخرون أمس في انفجار قنبلة يعتقد أن مسلحين من حزب العمال الكردستاني زرعوها على جانب طريق في إقليم فان بجنوب شرق البلاد. ويشن حزب العمال الكردستاني حملة مسلحة منذ ما يزيد على ثلاثة عقود في مناطق الجنوب الشرقي التي يغلب على سكانها الأكراد في محاولة للحصول على حكم ذاتي. واستعر العنف منذ انهيار وقف إطلاق النار بين الحزب والسلطات التركية في يوليو الماضي.

وفي الوقت الذي يتهيأ فيه رئيس الوزراء التركي الجديد لإعلان التشكيل الوزاري لا يوجد شك يذكر أن المهمة الرئيسية لهذه الحكومة ستكون الموافقة دون تفكير على أمر أصبح حقيقة واقعة وهو الانتقال إلى نظام رئاسي كامل يقبض فيه الرئيس رجب طيب أردوغان على زمام الأمور.

وأكد أردوغان يوم الأحد تعيين بن علي يلدريم حليفه الوثيق منذ 20 عاما وأحد مؤسسي حزب العدالة والتنمية الحاكم رئيسا للوزراء ليضمن ولاء الحكومة في سعيه لتغيير الدستور وتحويل تركيا من النظام الديمقراطي البرلماني إلى الرئاسة التنفيذية. وقال ثلاثة مسؤولين كبار في حزب العدالة والتنمية إن تعيين يلدريم سيقضي على أي جيوب للمقاومة داخل الحزب لخطط أردوغان وتوقعوا ألا يضم التشكيل الوزاري سوى الموالين.

وقال أحد المسؤولين "دخلنا فترة نظام رئاسي فعلي ستنفذ فيه سياسات أردوغان بكل وضوح". وتوقع إجراء خمسة أو ستة تغييرات وزارية في الفريق الوزاري الحالي. وأضاف المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن شخصيته لأن قرارات التعيين النهائية لم تصدر بعد أن هذه التعديلات "ستؤدي إلى تناغم كامل بين أردوغان ومجلس الوزراء... وستنفذ قرارات أردوغان دون أن تمس."

ويرى أردوغان وأنصاره أن الرئاسة التنفيذية على غرار النظام الأمريكي أو الفرنسي ضمان يقي البلاد من الانقسامات التي تجلبها الائتلافات الحكومية والتي عطلت التنمية في تركيا خلال التسعينات. ويخشى خصومه والمتشككون من حلفائه الغربيين أن يتزايد اتجاه تركيز السلطة في يديه. وقد رفع الإدعاء أكثر من 1800 قضية على أشخاص بتهمة إهانة أردوغان منذ أصبح رئيسا للبلاد عام 2014. وأغلقت صحف معارضة وصدرت قرارات بعزل صحفيين وأكاديميين ممن ينتقدون السياسات الحكومية.

وانتقد مارتن شولز رئيس البرلمان الأوروبي سعي أردوغان لتركيز السلطة في يديه في تعليقات نشرت يوم الاثنين ووصف ذلك بأنه "خروج مثير على القيم الأوروبية" في دولة تتفاوض على عضوية الاتحاد الاوروبي. وقال لصحيفة كولنر شتاتانتسايجر الألمانية "نحن نرى أن تركيا في ظل أردوغان في سبيلها لكي تصبح دولة الفرد الواحد."

وقال إن البرلمان الأوروبي لن يبدأ في مناقشة سفر الأتراك إلى أوروبا دون تأشيرة دخول الذي تم الاتفاق عليه كمكافأة لتعاون أنقره في الحد من الهجرة غير الشرعية إلى أن تحقق تركيا كل المعايير المطلوبة بما في ذلك تعديل قوانينها الشاملة لمكافحة الإرهاب وهو الأمر الذي يصر أردوغان على رفضه. وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي واجهت انتقادات لتوسطها في اتفاق الهجرة مع تركيا رغم سجلها في مجال حقوق الانسان إنها شددت في اجتماع مع أردوغان يوم الاثنين على ضرورة وجود مؤسسات مستقلة قوية. وقالت بعد الاجتماع على هامش قمة انسانية في اسطنبول "لقد أوضحت في المحادثة التي دارت اليوم أنني أعتقد أيضا أننا بحاجة لنظام قضائي مستقل وبحاجة لإعلام مستقل وبرلمان قوي." وفي بادرة على ما قد يطرأ على العلاقات مع بروكسل من اضطراب حذر يجيت بولوت مستشار أردوغان للشؤون الاقتصادية من أن أنقرة قد تعلق كل اتفاقاتها مع الاتحاد الأوروبي إذا لم يلتزم بوعوده. وقد أوضح أردوغان إنه يريد تحقيق الشرعية للنظام الرئاسي الذي يستلزم تعديل الدستور عن طريق إجراء استفتاء شعبي. ولكي يحقق ذلك يحتاج لدعم 330 عضوا على الأقل من أعضاء البرلمان البالغ عددهم 550 نائبا وتأييد مطلق من القاعدة الشعبية لحزب العدالة والتنمية في حملة الدعاية.

أما رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو فقد كان تأييده باهتا لطموحات أردوغان. وبتغييره يهدف أردوغان لتوحيد الحزب في الوقت الذي تعاني فيه المعارضة القومية من خلافات على قيادتها ذات آثار مدمرة كما تواجه المعارضة المؤيدة للأكراد خطر مقاضاة أعضائها بعد رفع الحصانة البرلمانية عنهم في الأسبوع الماضي.

وقال مسؤول كبير ثان بالحزب الحاكم لرويترز "الآن أصبح طريق تعديل الدستور لتنفيذ النظام الرئاسي مفتوحا بالكامل." وليس من الواضح مدى التأييد الشعبي لمثل هذا التعديل الدستوري وقدره استطلاع حديث أجرته مؤسسة إبسوس بنسبة 36 في المئة فقط. من ناحية أخرى قالت صحيفة صباح اليومية المؤيدة للحكومة إن استطلاعا أجرته مؤسسة (أو.آر.سي) للأبحاث قدر التأييد بنسبة 58 في المئة.

وقال أوزر سنجار مدير شركة متروبول للأبحاث لرويترز "حكم الفرد الواحد بدأ فعليا حتى ولو لم يكن دستوريا." ويوم الاثنين قال يلدريم إن قائمة أعضاء مجلس الوزراء الجديد سيتم إعدادها على وجه السرعة وتقدم لأردوغان لاعتمادها بمجرد أن يتيسر ذلك. وسبق أن قال يلدريم إن هدفه الرئيسي كرئيس للوزراء سيكون صياغة دستور جديد.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة