مسابقة المحافظة على النظافة والصحة في البيئة المدرسيّة

سلطان بن خميس الخروصي

حينما صدر المرسوم السلطاني الصادر في العام (91/1992) بإنشاء مسابقة المحافظة على النظافة والصحة في البيئة المدرسية عملت وزارة التربية والتعليم على وضع الأطر العامة لهذه المسابقة وفق القرار الوزاري والذي نص على تعريف هذه المسابقة بأنها: "مسابقة تتنافس فيها المدارس الحكومية التابعة لوزارة التربية والتعليم بالسلطنة على كأس حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم منطلقة من التكامل بين البيئة المدرسية للمتعلم وبين ممارسته للأنشطة الصفية واللاصفية عبر التطبيق والممارسة"، ومن أبرز الأهداف المؤمّل تحققها من المسابقة وفق ما نص عليه القرار الوزاري الآنف الذكر: تطبيق الطلبة لما اكتسبوه من المعارف والحقائق العلمية المرتبطة بالنظافة والصحة بطريقة عملية في البيئة المدرسية، وتنمية اتجاهات الطلبة الإيجابية نحو النظافة والصحة في البيئة المدرسية، وتنمية المهارات المختلفة لدى الطلبة من خلال المشاركة الفعّالة في مجال الأنشطة المرتبطة بالنظافة والصحة في البيئة المدرسية، علاوة على تنمية قدرة الطلبة على تحمّل المسؤولية والاعتماد على الذات من خلال المشاركة الفعّالة في تنفيذ الأنشطة المتعلقة بالنظافة والصحة في البيئة المدرسية، أضف إلى ذلك تنمية إحساس الطلبة بأهمية نظافة البيئة المدرسية والعناية بمرافقها والمحافظة عليها، وإعداد الطلبة لمواجهة التحديات المستقبلية في مجال نظافة البيئة وحمايتها من أخطار التلوث والمحافظة على الصحة العامة، وأخيرا نُعرّج على عجالة إلى أبرز المحاور التي تتضمنها عملية تقييم المسابقة وهي: البيئة الصفية، والمبنى المدرسي، ودورات المياه، والمقصف المدرسي، والأنشطة الصفية واللاصفية للطلبة.

من يتتبع مرجعيات هذه المسابقة وأهدافها ومحاورها والمعايير التي على أساسها تُقيّم المدارس في سبيل خلق بيئة تنافسية شريفة يجد أنها تدعو إلى أجواء نموذجية تعليمية وتعلّمية ناجحة، إلا أن المؤشرات التي أفرزها الواقع تشير الى ان مرحلة التقييم بالمسابقة تثير عدم ارتياح كثير من المعلمين والطلبة وبعض إدارة المدارس.

يُقال أنّه من أدب التربية وأصولها أن تُغرس سجايا النظافة والخُلق الحميد في نفوس الطلبة بأي زمان ومكان طالما لا يزال على مقاعد الدراسة، فالحقل التربوي وكل ما جُيّش له من دوائر وأقسام وخدمات يهدف إلى تحقيق غاية نبيلة في تنمية روح المواطنة المسؤولة للطلبة عبر رمي مُخلّفات الطعام بعد الفسحة في أماكن القمامة الخاصة بها، والمحافظة على مرافق المدرسة المختلفة، والاهتمام بالمذاكرة والاستذكار بالمواد الدراسية، وحب التنافس والتفوّق، على أن يكون كل ذلك قائم وفق رؤية بنائية تراكمية لا تتأتّى إلا بتبنّي أقطاب المؤسسة التربوية هذا النهج القويم، فما إن حادت عن هذا النهج وتشبّثت بسياسة "مشي حالك" فإننا كمن ينفخ في "الجربة المخروقة".

والشاهد في ذلك أننا ومع أواخر شهر أبريل المنصرم وحتى منصف الشهر الجاري (مايو) نلحظ حراكا غير مسبوق من قبل المدارس مدفوعة بجملة من التعليمات التي تتلقّاها بضرورة أن تكون كإيوان كسرى في زمانه!، فتعجبُ أيّما عجبٍ أن بعض المدارس - حسب ما يسرد لي أصحاب التجربة من المعلمين- أنهم اجتمعوا وإدارة المدرسة والمعلمين والطلبة وعمّال النظافة وقد شمّروا عن سواعدهم لتنظيف ساحات المدرسة شبرا شبرا بالماء والصابون حتى توصف بأنها "نظيفة" بل الأدهى والأمر أن استمرت عملية التنظيف في بعض المدارس حتى في الإجازة الأسبوعية حتى تلج اللجنة إلى المدرسة بردا وسلاما ومثالية!، ويروي لي مجموعة من المعلمين الزملاء أنهم كانوا يستخدمون دورات مياه الطلبة لأن مراحيض دورات المياه الخاصة بهم معطّلة وطالما قدّموا التماسهم بضرورة إصلاحها للحرج الذي يتلقّوه في مشاركة الطلبة بدورات المياه لكن نداءاتهم كمن ينفخ في الرماد، وما إن دقّ ناقوس موسم المسابقة تم إصلاح جميع المراحيض وأغلقت دورات المياه حتى تنجلي اللجنة ثم يعاد فتحها من جديد!، ومن المواقف التي يرويها لي بعض المعلمين أنهم طالما اشتكوا من قلة عُمّال النظافة بمدرستهم الكبيرة والتي يتجاوز عدد طلبتها (1000) طالب والمعلمين (85) معلما، فكانوا يعانون من تكدّس الغبار وسوء البيئة المدرسية المحيطة بهم، حتى إذا ما قربت ساعة اللجنة المقرر زيارتها من الوزارة تم انتداب فريق عمل متكامل مهمته التنظيف والترتيب لمدة أسبوعين حتى تنتهي اللجنة من مهامها!، هذا غيض من فيض نقدمه من الميدان إلى السادة الكرام بوزارة التربية والتعليم في وقت الطلبة بحاجة ماسة للاهتمام بالدروس على نهاية العام الدراسي.

ختاما.. هذه المسابقة نبيلة في رسالتها، وسامية في أهدافها، لكنها بحاجة إلى تصحيح الوعي بماهيتها الحقيقية التي أرادها عاهل البلاد حفظه الله، لسنا بحاجة إلى تبديد أموال المدارس في كثير من البهرجة وتحقيق المُتطلبات المُهملة طوال العام الدراسي لتُختزل في يوم قد (تزورنا) اللجنة أو لا!، لسنا بحاجة إلى غرس روح المثالية الرسمية في نفوس طلبتنا واستبدال أقلام النور والمعرفة بإسفنجة التلميع والمثالية المُبطّنة.

دمتم بود ومحبة

sultankamis@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة