نجوى الدّرعاوية
يوم جديد! تودّعني ابنتي بقُبلة وابتسامة عند السّاعة الثّامنة صباحاً لتستقلّ حافلتها المدرسيّة الملوّنة وهي تحمل حقيبتها الخفيفة.
تصعد الحافلة بتفاؤل وكلّها شوق لمدرستها، سائق الحافلة لا يستخدم الهاتف أثناء قيادته يحترم قواعد الطّريق ويُحافظ على سلامة الطلاب .فهو ليس مضطرا للسّرعة كي يلتحق بعمل آخر بعد أن يوصل الطلاب إلى مدرستهم.
تُخبرني ابنتي أن يومهم يبدأ بالعناية بحديقتهم المدرسيّة التي يزرعون فيها خضروات وزهور يسقونها بمياه أُعيد تدويرها في المدرسة نفسها.
كما يعتنون بالأرانب والدّجاج ويقدّمون لها الغذاء، فالإنتاج يتزود منه مطعمهم المدرسيّ ويُباع الفائض منه ليدعم ميزانيّة المدرسة. تنتقل ابنتي من حصّة إلى أخرى بسعادة وحماس ودون إحساس بالملل.
هاهي تشارك بفاعليّة في الدرس وتتعاون مع زملائها، فالمعلمة مرشدة فقط.
تعلّمت ابنتي مهارات عُليا للتفكير فهي تحلّ المشاكل وتُفكّر بشكل إبداعي، تنقد وتُعبّر عن رأيها بشكل مستقل. تستوعب وتبحث وتحلّل وتستنتج.
تطوّرت مهارات ابنتي في الرّياضيات فهي تحلّ المسائل بأكثر من طريقة وتبتكر مسائل بمفردها أمّا عن العلوم والتقنية فهي من الموادّ المفضلة لديها، تثير التّجارب فضولها كما أنّها تصمّم وتتقن استخدام جهاز الكمبيوتر والتّعامل مع برامجه المختلفة.
مدْرسة ابنتي مُنفتحة على العالم، فهي في تواصل مع مدرسة في سنغافورة يتبادل الطلاب والمعلمون الصّور والتجارب والخبرات عبر وسائل التّواصل الحديثة.
ابنتي شغوفة بلغتها العربية وتتقن الفصحى،لأنّها لغة التّعامل مع الجميع في المدرسة كما أنّها تدْرسها بأسلوب التعلّم النّشط .أما عن الإنجليزية فمعلمتها تتفنّن في طرق تدريسها ممّا جعل ابنتي تتعلّق بمطالعة القصص الإنجليزية وتحاكيها بكتابة قصص مشابهة لها. قد تتصوّرون أن معلّمة المادة أجنبية، أخطأتم !فهي قد تلقت تعليمًا وتدريبًا أهّلاها للتّمكّن من المادة وتعليمها أفضل من الأجانب.
معلماتها مجتهدات،رحيمات، تُعلّمن الأطفال بقلوبهن.لاتفارقهن ابتسامة الرضا فالمدرسة تتفهّم ظروفهنّ العائليّة وتوفّر حضانة لأطفالهن بالمدرسة. كما أنّها تُقدّم لهنّ التدريب الذي يجعلهن يعملن باحترافيّة شديدة.
لا أُخفي عليكم سعادتي فابنتي تتناول الغداء في المدرسة، وجبة صحيّة مُعدّة في المطعم المدرسيّ بإنتاج حديقة المدرسة. كما تساهم أمّهات متطوّعات في الإشراف على إعدادها وتوزيعها.
تنال ابنتي بعد الغداء قسطًا من الرّاحة، وتصلّي الظهر بمصلّى المدرسة مع صديقاتها وتلي الصّلاة حصّة لتجويد القرآن الكريم.ثم تخصّص فترة ما بعد الظّهر للرّياضة والأنشطة.
تعود إلى البيت مُفعمة بالنّشاط أما عن الواجبات والمشاريع في جميع المواد فهي عبارة عن بحوث وعروض تعدّها مستعينة بالكتب والمراجع وشبكة المعلومات.
نسيت أن أخبركم أنّه لا امتحانات لديها! ففي المرحلة الابتدائية يتابعونهم ويقيّمونهم تقييمًا مستمرّا فلا جداول اختبارات ولا ضغط على نفوسهم الصغيرة.
تجد ابنتي الوقت للّعب والاستمتاع بطفولتها كما أنّ دافعيتها للتّعلم تزداد يومًا بعد يوم .
أصحو على نداء ابنتي عند السّادسة والنّصف، كي أساعدها على حمل الحقيبة الثقيلة. أسرعت حتى لا يمضي سائق الحافلة بسرعة، فهو مستعجل للذهاب إلى عمله الإضافيّ بعد أن ينتهي من إيصال الطّلاب إلى مدرستهم.