(بسـ..مات) مواطن عربي

إضاءة

مسعود الحمداني

(1)

هل خطر ببالك يومًا أنك دون وطن؟!!..

تلسعك الجهات، وتطردك البلاد، ولا تقبل بك الأرض لاجئا، وتشعر بأنّك دون هويّة أو وجه أو لسان..

وأنّ وطنك ما عاد هو وطنك، وأنّك لا تملك إلا ذكرياتٍ باتت كالخنجر الذي يشق دمعك كلما مرّت عليك طفولتك أو شبابك أو أيّام عزك وبسماتك..

(2)

هل فكرت يوما أنّك دون مأوى؟!!..

تلتحف السماء، وتفترش الأرض، وتطرق الأبواب فلا يجيبك غير عواء الكلاب، وصرير الريح.. وتجد الأرصفة هي ملاذك الآمن، تضع رأسك على أول صخرة لتنام.. فينام كل الكون، ويبقى قلبك يقظا لا ينعس، وتعيد الحياة كرّتها كل يوم وأنت ترقب الأمل الذي لا يأتي..

(3)

هل فكرت يوما أنك دون مأكل أو مشرب؟!!

تستطعف الناس ليعطوك، وتشرب ندى النوافذ، وتأكل فضلات القمامة، وتمضغ أعواد الأشجار، وتبحث عن قوت يومك كل صباح فلا تجد غير الجوع والعطش، تحاول أن تطعم أطفالك فيموتون واحدا واحدا أمام عينيك.. والعالم يتفرج..

(4)

هل فكرت يوما أن تفقد أطفالك، وزوجك، وكل أحبابك؟!!

ويمر القاتل من أمامك وهو يضحك، فلا تملك إلا أن تقبّل قدميه، وأنت تلعنه في داخلك، وتظل صور من فقدتهم مخزنة في ذهنك، لا تستطيع إلا أن تبكي حرقة الفقد، ويقتلك الحنين والقهر بصمت.. وأنت تشاهد الجندي الذي عليه حمايتك ينتهك عرضك، ويقتل أطفالك أمام ناظريك.

(5)

هل فكرت أن تعبر البحر لتبحث عن الحياة على الضفة الأخرى؟!!

وتجد من يستغل حاجتك من بني جلدتك، ويتاجر بموتك، وأنت تتشبث بالحياة، وتناشد فيه النخوة و(الإسلام) فتجد أنك تخاطب كتلة صخر صماء على هيئة إنسان، وتنظر إلى جثة ابنك الصغير وهي تطفو على سطح الموج، وأنت تودعه بدموع الروح، ويدك مغلولة، لا تستطيع فعل شيء.. وتمضي بك الرحلة إلى بلدٍ غريبٍ ينهش ما تبقى لك من قلب.

(6)

هل خطر ببالك كل ذلك؟!!

إذا لم يخطر في مخيلتك كل تلك المشاهد، وأمِنت الحياة الرغيدة، واعتقدت أنك بعيد عن كل مآسي العالم.. فامدد بصرك، وانظر إلى الخارطة.. ولا تشح بوجهك بعيدا.. فأنت لست بعيدا عن العراق، وسوريا، واليمن.

أنت لست بعيدا عن المأساة..

Samawat2004@live.com

تعليق عبر الفيس بوك