لا تلوموا الحكومة

خالد الخوالدي

Khalid1330@hotmail.com

كلنا أبناء الوطن وخوفنا عليه لا يوصف ولا أحد يزايد على أحد في وطنيته، وإذا ما لمسنا أنّ هناك ما يعكر صفو هذه العلاقة بيننا وبين هذا الوطن الغالي فكلنا ضده، ورغم أنني في كثير من الأحيان انتقد الأداء الحكومي إلا أنّ هذا الانتقاد ليس من أجل التقليل من هيبة الدولة ومؤسساتها، ولكن من أجل المصلحة العليا وهو نقد المحب لوضع أفضل من أجل عمان وشعبها الرائع، واليوم ولنفس الهدف سيكون حديثي لبعض المواطنين وانتقاد بعض الممارسات الخاطئة التي تقع من بعضهم، وأقول لهم: "لا تلوموا الحكومة" وتصفوها بأنّها مقصرة إذا كان التقصير منكم.

لا تلوموا الحكومة عندما يُطلب من أحدكم متر أو متران من مزرعته أو أرضه لأجل إنشاء طريق مرصوف تستفيد منه ويستفيد منه الكثير من المستخدمين لهذا الطريق، فالواقع الحالي يقول إنّ بعض المواطنين يبخلون وللأسف الشديد ولا يسمحون للجهات المختصة بتوسعة الطريق القائم الذي يحتاج مترا أو مترين حتى يكون مكتمل الأركان وعلى ضوء ذلك نلاحظ طرقا داخليّة في بعض مساراتها واسعة والبعض الآخر لا يكفي سيارة واحدة؛ وما علم هؤلاء كم من الأجر والثواب لمن وسع للنّاس في طريقهم، وأنّ ما يخرجه من أرضه هي صدقة جارية له طول حياته وبعد مماته ورسولنا الكريم صلى الله عليهم وسلم يقول (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)، بل إن الأمر خرج عن المألوف فبدل توسعة الطريق رأيت بأم عيني الأسبوع الماضي شخصا يقوم بقطع طريق قائم لأجل أن يدخل أقل من نصف متر في مزرعته، فهل بعد هذه أنانية وجشع وتعد على حرمات الطرق وحرمات العابرين والسالكين الذين يتمنون أن يتوسع الطريق لا أن يضيق أكثر.

فهل بعد هذا نلوم الحكومة إذا ما نفذت طرقنا الداخلية كيفما اتفق؛ لأنه باختصار الحكومة لن تعوض الجشعين على متر ومترين وإلا أصبح كل طريق داخلي في كل ولاية يحتاج إلى مرسوم سلطاني لنزع الملكية، وهو أمر صعب ويقطع على ناس كثيرين أبواب الخير.

ولا تلوموا الحكومة إذا أحسنت النيّة، وركزت على التعليم العالي وفتحت الفرص لأغلب الطلاب من أجل إكمال دراساتهم العليا حتى يخرجوا متسلحين بالعلم والمعرفة، ومن ثمّ نرى استهتار كثير من الشباب بهذه الفرص حتى يتم فصلهم لإهمالهم في التحصيل وعدم التزامهم بتأدية واجباتهم المنوطة بهم، ومن ثمّ نرى الشكوى والتذمر لقرار الجامعات والكليّات والذي يصفه بعضهم بالتعسف؛ وهو لا يًعد تعسفا وإنّما ما جنته يد الطالب ومن جد وجد ومن سار على الطريق وصل وكذلك هو الحال عندما نرى خريجين عليهم مئات من علامات الاستفهام، وكما دخلوا خرجوا ولم يكلفوا أنفسهم استغلال وضعهم في المؤسسات التعليمية من أجل تطوير ذواتهم (علما أنني ضد فكرة إدخال من هبّ ودبّ في الجامعات والكليّات حتى لا نخلق جيل متقاعس عن تحصيل العلم والتنافس والحكومة ربما لها رأي آخر أيضًا قد يكون صائبًا)..

ولا تلوموا الحكومة إذا ما سعت لتنفيذ مشروعًا ما يخدم المصلحة العامة، ويأتي شخص أو أشخاص معينين ويقفون حجر عثرة في تنفيذ المشروع، ولا تلوموا الحكومة عندما يتم نهب أراضي الدولة بحجج واهية وشهادة مزورة من شيخ منطقة يشهد بأحقيّة الأرض لشخص ما مقابل حفنة من الريالات، ويتم اعتماد الأمر من الجهات المختصة، ولا تلوموا الحكومة عندما يتم رصف طريق عام أو داخلي ويأتي البعض متهورًا ويقتل خلق الله ويقول في الأخير الغلط من الشارع، ولا تلوموا الحكومة إذا لم يكن عند بعض الموظفين الضمير الحي والصادق مع الله والإخلاص في العمل وينشغلون بأعمالهم الخاصة، ومن ثم يتستّر عليهم بعض مسؤوليهم الصغار منهم والكبار.

في الأخير لابد من قول حقيقة واحدة نتغافل عنها جميعا وهي أننا نحن الحكومة والحكومة نحن وأننا لن نتغير ويتغير حالنا إلا إذا غيرنا ذواتنا وبدأنا بتقويم أنفسنا فالله سبحانه وتعالى يقول (إنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ) وأننا على كثر ما ننتقد الأداء الحكومي لابد أن ننتقد أنفسنا أولا ونعمل بإخلاص من أجل وطننا الغالي الذي لو قدمنا له أرواحنا فلن توفيه حقه، دمتم ودامت عمان بخير.

تعليق عبر الفيس بوك