أيْنَ الناصحون؟!

سَيْف المعمري

تصدَّرتْ زيارة مَعَالي يُوسف بن علوي بن عبدالله الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية، إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية، مطلع الأسبوع الجاري، اهتمامات واسعة محليًّا وخليجيًّا؛ نظرا لأهمية هذه الزيارة في تعزيز العلاقات الودية التي تجمع البلدين.

ورَغْم أنَّ الزيارة -كما أُعلن عنها- جاءت لتفعيل برامج التعاون التجاري والاقتصادي المشترك بين السلطنة وإيران، إلا أنَّ الزيارة نالت نصيبا وافرا من التحليل والتفسير في حسابات التواصل الاجتماعي، على غير ما أُعلن عن أهدافها، ورغم أنَّ اختلاف الآراء والأفكار طبيعة بين أفهام البشر؛ إلا أنَّ تجاوز تلك الحدود إلى مرحلة التشكيك والقدح والتهجم على القيم الدينية وأخلاق المجتمعات تُعتبر حالة نادرة يجب أن تُوضع حدودٌ لدحضها.

وسياسة السلطنة واضحة للجميع في عدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير، وعدم السماح للغير بالتدخل في شؤوننا الداخلية، والوقوف على مسافة واحدة بين الجميع، وعدم ترجيح كِفَّة طرف على آخر، وانتهاج مبادئ الحوار في حل القضايا العالقة، وهي سياسة أكسبت السلطنة احترام المجتمع الدولي في مختلف القضايا الإقليمية والدولية.

ومن خلال متابعتي لعدد من حسابات التواصل الاجتماعي، آلمنى ذلك التحامل غير المبرَّر من قبل أصحابها ضد السلطنة وسياساتها المتوازنة، والتشكيك في نواياها تجاه الأشقاء الخليجيين، وقد نصب أصحاب تلك الحسابات الاجتماعية أنفسهم كمدافعين عن حقوق ومصالح المنطقة، والتقليل من مواقف السلطنة الداعمة للسلم واستقرار المنطقة وفتح آفاق الحوار وتبادل المنافع بين دول المنطقة.

تُرى.. ما هي الدوافع الذي يبتغيها أولئك؟ صحيح أنهم لا يمثلون إلا أنفسهم ولكن لماذا كل ذلك؟ هل يسعون من خلال ادعاءاتهم وافترائهم عن السلطنة لتهميش دورها المؤثر في المنطقة والعالم؟ هل النجاحات التي حققتها السلطنة -ولا تزال- وثقة المجتمع الدولي بدورها المحوري في استقرار المنطقة أعمت بصائرهم؟

أين الناصحون الذين يُبصِّرونهم بحقائق الأمور؟ لماذا يحاولون شق النسيج الاجتماعي والتعدي على الأعراف المجتمعية؟ أين قيم التسامح والمودة والمحبة واحترام الرأي والرأي الآخر التي يؤمنون بها؟ لماذا يحاولون النيل من الانسجام والتعايش السلمي والاستقرار السياسي الذي تنعم به السلطنة؟ لماذا ينكرون موقف السلطنة في السعي الحثيث لاستقرار المنطقة وتجنيبها ويلات الحروب؟ هل ارتكبت السلطنة ذنبا في تقريب وجهات النظر بين أيران ودول (5+1)، والذي أفضى إلى الاتفاق النووي التاريخي، وهو موقف يُحسب لنجاح الدبلوماسية العُمانية، هل امتناع السلطنة عن الدخول في حروب المنطقة أوغر قلوب أولئك ضدها؟

وفي الوقت الذي كنا نتطلع فيه إلى أن تُسهم وسائل الاتصالات الحديثة بتطبيقاتها المختلفة في زيادة التواصل والانسجام بين أبناء دولنا الخليجية والعربية وتبادل المعارف والخبرات للمساهمة في دعم وتقدم أمتنا العربية والنهوض بأبنائها، أصبحت تلك الوسائل -وللأسف الشديد- ساحات للمناوشات والتراشق بالسباب والشتائم، فتارة بالتلميح وتارة أخرى بالتصريح، وأحيانا تصدر عن شخصيات ورموز لها تأثيرها في المجتمع.

لذا.. علينا دَعْوة الناصحين في مجتمعنا الخليجي لتبصير الشباب وغرس قيم المحبة والإخاء ونبذ العنف والتطرف، وبناء جيل متماسك بعيد عن الغلو، وعلى المؤسسات التربوية والقانونية والجهات الإعلامية في دولنا الخليجية الوقوف بحزم وراء تلك التصرفات غير المسؤولة؟ وأن نُسهم جميعا في غرس قيم حميدة حث عليها ديننا الحنيف؛ فالجميع يتفق على أنَّ اختلاف الرأي يثري العقول والأفهام، لكنَّ الشحناء والكراهية لا تُولِّد سوى مزيد من التشرذم، ولنكن جميعا ناصحين لشبابنا لتدوم بيننا المحبة والإخاء.

saif5900@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك