وزارة للطوارئ

علي بن مسعود المعشني

لا توجد وزارة بهذا المسمى سوى بجمهورية روسيا الاتحادية، ومهمتها مواجهة الكوارث والأزمات الطبيعية داخل جغرافية روسيا، ومد يد العون للبلدان الصديقة والتي تتعرض لمثل تلك الظروف الطبيعية الاستثنائية.

وقد سُخر لهذه الوزارة كل ما تحتاج إليه من كوادر بشرية وموارد مالية ومنشآت ومواد وأدوات لوجستية وإمداد وتخزين، إضافة إلى ما يُسهل عملها في الاستشعار والرصد لمثل تلك الحالات ويحدد الإمكانات الضرورية للتعامل معها والحد من آثارها.

وبطبيعة الحال اليوم، وإزاء تذبذب الواقع الاقتصادي للعالم ، وتفشي اقتصاد الأزمات وثقافته وأعراضه، فسيشهد العالم حاجة ماسة لإنشاء وزارات للطوارئ ، يناط بها استشعار الركود الاقتصادي والعجوزات المالية والمد والجزر الاقتصادي، والتحسب لمواجهته والتقليل من آثاره والتي ستنعكس بالنتيجة الحتمية على مناحي الحياة في المجتمعات وبلا استثناء.

ونحن في سلطنتنا الحبيبة لن نكون بمعزل عن حمى العالم الاقتصادية والتي ستنوبنا بلاشك كدولة تعتمد الاقتصاد الريعي، وتطمح للانعتاق من أغلاله كمصدر غير آمن وغير مستقر.

ومن هنا لابد لنا من التفكير الجاد بوجود وزارة للطوارئ تكون على شكل خلية أزمة دائمة الانعقاد في الرخاء والأزمات، عبر رصد المؤشرات والتكاليف والإحصاء، لتقوم بدورها الوقائي والعلاجي في مثل هذه الأزمات العصيبة.

على أن تكون توصياتها نافذة وملزمة للجميع كحال قانون الطوارئ والذي يُعطل كافة القوانين السارية في الأزمات، ويكون عملها في الغالب مزيجاً بين التخطيط والاستشراف المستقبلي والاقتصاد المقاوم والذي يخلق البدائل الناجعة والمريحة للدول دون اهتزازات أو أعراض جانبية.

لوكانت لدينا مثل هذه الوزارة - في تقديري - وعلى رأسها عقول استثنائية، لتبنت خططاً جاهزة وبديلة لتذبذب أسعار النفط بفعل تقنين ذكي لأوجه الإنفاق الحكومي العام، دون ضجيج أو إرباك للرأي العام.

وزارة الأزمات يمكنها أن تعلم حجم الطاقة المستهلكة في البلاد والكمية المطلوبة للإنتاج والاستهلاك دونما إضرار أو هدر، وبالتالي توفير قدر معلوم من الطاقة وعدم الإسراف في المحروقات، ويمكنها تقنين المواد الغذائية والاستهلاك الغذائي عبر الترشيد والنصح والتوجيه واستخدام الحصص التموينية، ويمكنها التصدي لآثار الإضرابات والاعتصامات في المرافق الحيوية للدولة كالنفط والطيران بإيجاد موظفين وعملاء بدلاء للمضربين - في الحالات المستعصية - عبر التعاقد المؤقت مع المتقاعدين من ذوي التخصصات المثيلة .

كما يُمكن لهذه الوزارة في أزمنة الرخاء والاهتمام بمصادر الحياة كعيون المياه والآبار والزراعات الإستراتيجية ذات المنشأ المحلي، وتعزيز المخزون الإستراتيجي من المواد الغذائية والدواء.

أقطار الخليج اليوم مرشحة لاستيراد النفط عام 2030م رغم استقرار إنتاجها وذلك لتغطية التكلفة الباهظة للطاقة الكهربائية نتيجة التوسع العمراني الهائل رأسيًا وأفقيًا غير المدروس، وفي ظل التقلب الاقتصادي العالمي وسيادة اقتصاد الأزمات فسيزداد حذر العالم في التعامل مع موارد الطاقات الناضبة والمتقبلة عبر التقليل التدريجي من الاعتماد عليها واستهلاكها، وهذا يتطلب منّا التفكير الجاد في خلق خلية أزمات أو استحداث وزارة للطوارئ نلجأ لها في الأزمات ونحتكم لرؤاها.

قبل اللقاء: إذا أردت السلام، فكن مستعدًا للحرب.

وبالشكر تدوم النعم

Ali95312606@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك