ماذا سيتم مع أوامر تغييرية في هذا الظرف الراهن؟

عبدالله العليان

في الجلسة الشهيرة مع معالي الدكتور رشيد بن الصافي الحريبي رئيس مجلس المناقصات، في ديسمبر 2014، مع أعضاء مجلس الشورى، والأسئلة التي قدَّمها بعضُ الأعضاء عن الأوامر التغييرية التي تحدث في العديد من المناقصات، وتُكلِّف الدولة مئات الملايين خلال عام، ومليارات الريالات خلال خطة واحدة من الخطط الخمسية؛ لذلك حان وقت الحل لهذه الإشكالات والأخطاء الكبيرة التي تحدث عند تنفيذ المشاريع، والهدر الكبير في المال العام من خلال الأوامر التغييرية، وهذا ممَّا قاله معالي رئيس مجلس المناقصات مع مجلس الشورى: "إنَّ عدد الأوامر التي أصدرها مجلس المناقصات للعام 2014 بلغت 218 أمراً تغييراً، وكلَّفت ميزانية الدولة 365 مليون ريال عماني، وأنَّ مجموع الأوامر التغييرية خلال خمس سنوات كلَّف ميزانية الدولة 2.4 بليون ريال"!! ويضيف معالي رئيس مجلس المناقصات -في بيانه الشهير بالمجلس- حول التأثيرات السلبية للأوامر التغييرية: إنَّ "المدة المحددة لتنفيذ المشروع تزيد بزيادة الأوامر التغييرية، إضافة إلى زيادة التكلفة مما كان عليه في العقد الأصلي؛ حيث إنَّ أسعار بعض المشروعات قد ارتفعت بنسبة تزيد على 100% من أسعار العقد الأصلي والتأثير على جودة الأعمال، وحصر تنفيذ معظم أعمال المناقصات في عدد محدود من الشركات وعدم إتاحة الفرصة للشركات الصغيرة والمتوسطة لتنفيذ المشاريع حسب إمكانياتها؛ فعلى سبيل المثال في مشاريع الطرق: بعض وصلات الطرق التي صدرت بها أوامر تغييرية كان من الممكن أن تُطرح كمناقصات داخلية على الشركات الصغيرة والمتوسطة".

وهذا المشكلات والأخطاء التي نجمت عن الأوامر التغييرية، التي أشار إليها معالي رئيس مجلس المناقصات -من حيث آثار هذه الأوامر على ميزانية الدولة- تقدَّر بمئات الملايين سنويًّا؛ بسبب الأخطاء التي يتم وضعها في المشروعات؛ مما أدى لتغييرات في العقود، ومن ثمَّ تضاف اعتمادات مالية جديدة على المبالغ السابقة بعد اعتماد المشاريع، وليس هذا فقط -كما معالي رئيس مجلس المناقصات- بل إنَّ "المدة المحددة لتنفيذ المشروع تزيد بزيادة الأوامر التغييرية، إضافة إلى زيادة التكلفة مما كان عليه في العقد الأصلي". والحقيقة أنَّ الأمر يحتاج إلى لوائح ونُظم جديدة تحد من هذا الهدر المالي في كل عام، بسبب تكرار الأخطاء عند وضع التصاميم والدراسات كما جاء في بعض التقارير،إلى جانب عدم وضع تطبيق النظم والمواصفات القياسية من قبل الجهات المنفذة.

وقد نشرت إحدى الصحف المحلية في مارس من العام المنصرم، أن هناك توجها حكومياً في (2015-2016) لإعداد خطة لمراجعة "قانون المناقصات" الحالي، لا سيما ما ورد في الباب الأول والفصل الأول من الباب الثاني من اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات. ويأتي هذا التحرك لإعداد قانون للمناقصات بسبب مطالبات بتشريع جديد يضمن سلامة الإجراءات في المشاريع المنفذة لأن القانون الحالي -كما تقول الصحيفة- "أعطى بعض الجهات المنفذة للمشاريع حرية تحديد السقف المالي دون وجود جهة مسؤولة تقدر التكلفة الحقيقية لها؛ فأصبحت الشركات بذلك هى من تحدد وتقدر قيمة المشاريع التي يعد السقف المالي لكثير منها كبيراً ومبالغاً فيه مما يعده اقتصاديون استنزافاً للمال العام قياساً بحكم وجودة المشروع، لاسيما وأن الفترة الماضية قد كشفت عن مواطن الخلل في كثير من هذه المشاريع التي أثبتت عدم قدرتها على الصمود طويلاً ناهيك عن التأخير وتجاوز الفترة الزمنية المحددة لها مما يشكل عائقاً أمام حركة التنمية".

ولا شك أنَّ هذا الأمر يحتاج تعديلًا لقانون المناقصات الحالي، ولتفادي عيوب هذا القانون في المناقصات، لماذا هذه اللائحة التي تعطي بعض الجهات المنفذة حرية تحديد السقف المالي؟ ولماذا الأخطاء في المواصفات والتصاميم عند وضع المشروع؟ هذه كلها تساؤلات تحتاج لنقاش وتحرك من مجلس عمان بغرفتيه الدولة والشورى؛ لمناقشة هذا الاستنزاف المالي للدولة في قضية الأوامر التغييرية، وأيضا قضية عدم إتاحة للشركات الصغيرة والمتوسطة، في تنفيذ لتنفيذ مشاريع تتناسب مع قدراتها، خاصة في وصلات الطرق التي صدر بها أوامر تغييرية، وهى تستطيع أن تقوم بها هذه الشركات الصغيرة، وتحدد في مناقصات داخلية عليها، كما أشار إلى ذلك معالي رئيس مجلس المناقصات في الجلسة مع مجلس الشورى، بدلا من الشركات الكبيرة التي ترفع سقف المبالغ المالية إلى مستويات كبيرة وفيها مبالغة كبيرة في الأسعار، الآن لا شك الأمر يحتاج إلى قوانين جديدة، وإلى لوائح تحافظ على المال العام، وتكون هناك معايير مقبولة ومعقولة في مسألة الاعتماد المالي للمشاريع، ومواصفات قياسية واضحة ودقيقة ومستوفية كل الاشتراطات، دون أن تكون هناك أوامر تغييرية للمشاريع، التي كما يعرف الجميع ما تتكلفه الدولة من مبالغ مالية كبيرة جدًّا، وبسبب ما يتم في بعض المناقصات من أوامر بالمئات في كل العام، وهذا مهمة مجلس عمان، بالتعاون مع مجلس المناقصات، وتكون هناك محددات واضحة لكل مشروع، ومستوفي المعايير اللازمة عند التنفيذ.

لا بد للدولة من مراجعة جدية لكلِّ القوانين السارية، بما يُحقِّق الاستقرار الاقتصادي، والتنمية الناجحة المستدامة في كل المرافق الاقتصادية، ودون أن يمس المواطن في معيشته من ضرائب قد تكلفه فوق قدرته المالية.

تعليق عبر الفيس بوك