هل ستغلق الصُحف المحليّة؟

إبراهيم الهادي

ما إن دخلت السنة الجديدة حتى جاءت تحمل في طيّاتها مفاجآت من العيار الثقيل، فقد أعلنت الجهات المُختصة العليا عددًا من القرارات القاضية بالتعامل مع أزمة انخفاض النفط عبر ترشيد الإنفاق. وكان من بين تلك الحلول العاجلة تخفيض النفقات بنسبة 10%، ولم يأت تحديد هذه النسبة اعتباطا أو جزافًا، بل تم تحديدها بناء على أسس منهجية مدروسة تدرك تماما أنّ زيادة النسبة فوق الـ10% هذه ستؤثر سلبا على دوران عجلة القطاع الخاص لاسيّما المتوسطة والصغيرة ومن بينها الصحف المحليّة أو الإعلام المقروء؛ والذي يعد شريكًا أساسيًا للحكومة في التنمية والنهوض بالمجتمع من كافة النواحي..

لكن الملاحظ أن الإعلان ذلك لم تتبعه توجيهات تفصيلية توضح النقاط الرئيسية التي يمكن عبرها ترشيد الإنفاق، بل تركت المسألة رهينة بتفسير ورؤية أصحاب القرار في الوزارات والمؤسسات الحكومية التي أثبت معظمها عدم امتلاك أدوات التقييم وثقافة العمل التكاملي بين القطاعين العام والخاص، مما جعل بعض مؤسسات القطاع الخاص تطوي صفحاتها الأخيرة وتسرّح موظفيها قبل الإغلاق وإعلان الإفلاس، وكما يتضح جليًا فالدور قادم على الصحف المحليّة، فالمؤسسات الحكومية كما يبدو لم تر أمامها إلا الصحف المحليّة لتطبيق مفهوم ترشيد الإنفاق العام، على الرغم من أنّ كلمة "العام" تشمل الكثير والكثير، حيث خفّضت بعض المؤسسات الحكوميّة اشتراكاتها في الصحف المحليّة إلى نسبة 100%، والبعض الآخر بدلا من تخفيض الاشتراكات 10% قلبت الآيّة وخفضتها إلى 90%! ولم تكتفِ بتخفيض نسبة الاشتراك فقط؛ بل امتد ذلك التخفيض ليشمل إعلاناتها في الصحف بنسبة 100% وبعضها الآخر 90%، علما أنّ الصحف ترتبط استمرارية صدورها من عدمه بكم الإعلان على صدر صفحات الصحيفة..

المبكي والمضحك في آن واحد أنّ إحدى الوزارات رصدت لها موازنة العام 2016 مئات الملايين ومن بين تلك الملايين قامت الوزارة بتخصيص 200 بيسة فقط كاشتراك لنسخة واحدة للصحيفة يوميا!

لقد بات الإعلام المقروء في السلطنة مهددًا بغول الإغلاق وفي انتظار المارد ليقول له أمنيته الأخيرة، وفي سبيل البحث عن مخرج للصحف المحليّة من أزمتها بعد شح الإعلان الحكومي سعى موظفو التسويق بتلك الصحف إلى الجلوس مع تلك المؤسسات ليوضحوا ويناقشوا أنّ هذا الإجراء التقشّفي غير الملتزم بنسبة الترشيد 10% من شأنه أن يضرّ بالصحف بشكل خاص وبالقطاع الخاص بشكل عام؛ إلا أنّ أصحاب القرار في تلك المؤسسات الحكومية يبدو أنهم ليسوا على دراية ومعرفة تامة بالآثار التي ستترتب جراء هذا التقشّف غير المدروس على مستقبل الإعلام المقروء، والذي يعبر بصوت عالٍ عن الوطن وإنجازاته ويبشر بمستقبل التنمية والغد المشرق..

لا نريد أن تتسبب هذه الإجراءات التقشفية غير الملتزمة بالنسبة المحددة في تسريح ربّ أسرة يعمل ويكد من أجل إطعام الأفواه والعقول والدفع بها لبناء الوطن.. ولا نريد أن يكون جل اهتمام المسؤول أن يقدم فاتورة مخفّضة أمام وزارة المالية؛ على أمل أن يُحظى بشكر ينال على إثره حافزًا أكبر، حتى لو كان هذا الترشيد يفضي إلى إغلاق مؤسسات أحوج ما يكون إليها الوطن في هذا المنعطف التاريخي الهام من عمر الوطن.

من هذا المنبر نناشد وزارة المالية إرسال خطابات عاجلة إلى كل جهة حكومية وتوجيهها ألا يشمل هذا الترشيد تخفيض التعاون والتعامل مع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لا سيما الصحف المحلية، وتضمين الخطابات برصد موازنات خاصة للصحف. كما نرجو من مجلس الوزراء التدخل السريع للحيال دون إغلاق الإعلام المقروء في السلطنة لأنّ التأثير بدأ منذ بداية العام 2015 ولايزال مستمرا إلى الآن!

إنّ الوضع أصبح لا يحتمل مزيدًا من النزيف فالريق سينشف قريبًا وتتوقف معه عجلة الإعلام المقروء فنعود عندها إلى الوراء سنين ضوئية عديدة!.

تعليق عبر الفيس بوك