في ذكرى "ديكنز الرواية العربية".. نجيب محفوظ "واقعية الحبكة والتشويق"

الرؤية- خاص

أقام عدد من المثقفين والأدباءمساء الخميس الماضي؛ ليلة تأبينية في ذكرى رحيل الروائي الكبير نجيب محفوظ، والذي رحل عن عالمنا في العام 2006وذلك بمبنى جريدة الأهرام بالقاهرة، وأدار الندوة د.جابر عصفورالكاتب والناقد ووزير الثقافة الأسبق، وقدّم للموضوع أ. محمد الشاذليرئيس مركز النشر بالأهرام؛ كما قام المسرحي محمد سلماوي بعرض لملابسات كتابه (حوارات مع:نجيب محفوظ).

واستهل السلماوي الندوة بوصف الحادثة الشهيرة بمحاولة شاب متطرّف حز عنق محفوظ بسكينعام 1994؛ وكيف تألم محفوظ من غسيل أدمغة الشباب؛ وحشوها بتطرّف وعنف دمويين؛ موضحا كيف فاتحه أثناء زيارته بالمشفى بعفوه عن المعتدي.

وأوضح السلماوي أنه لماقابل الجاني (محمد ناجي) وأبلغه عفو الأديب عنه؛ كان يتوقع رد فعل درامي يصلح لمسرحيّة من النوع الذي يحبس الأنفاس، وكيف تلقى المجرم النبأ ببرود؛ وأكد لو أنّ باستطاعته إعادة عقارب الساعة للوراء فسيعيد الكرّة..وأشار إلى أنّه سأل الجاني عن سبب فعلته، فأجابه الأخير بأن السبب هو (كتاب "أولاد حارتنا")؛ ولما حوصر بالأسئلة اعترف أنّه لم يقرأ الكتاب؛ بل إنّ "أمير جماعته" هو الذي أصدر الأمر بتنفيذ القصاص بالأديب!

وحول حواره مع نجيب محفوظ قال السلماوي إنّ المرض أقعد الأديب الكبير فلم يعد في وضع يسمح له بمتابعة الكتابة، فحوّل مقاله الأسبوعي إلى حوار بينه وبيني؛ يتم تسجيله ليجري عرضه أسبوعيًا في العمود الأدبي من الأهرام،مبينا أنه قام بتفريغ مايقارب خمسمائة دقيقة من الحوار الشيّق في كتابه الذي كان يقوم بتوقيعه للجمهور.

وعاد السلماوي بالذكرى لأول كتاب لمحفوظ كان أجره عليه عينياً: خمسمائة نسخة؛ هنا استلمها صاحبنا مغلوبا على أمره؛ ووضعها على حنطور وصل بها لمكتبة الوفد؛ واتفق مع صاحبها على بيعها بقرشين عوائده منه النصف: أي (5 مليم)وبعد زيارت أسبوعية متكرّرة للمكتبة باءت بالفشل، بعدها لم يجد كتابه معروضاً ليفاجأ أنه نقل للمستودعات لقلة الطلب عليه!

وتطرق د.عصفور لحادثة طريفة جرت في بدايات نجيب محفوظ: حيث كان عباس محمود العقاد لايميل للرواية؛ بينما يتعشق الشعر ويقول في ذلك (الشعر عسل خالص؛ بينما الرواية مثل نبات الخرنوب: قنطار خشب فيها درهم حلاوة)؛ فرد عليه في عام 1945 حينها أديب يافع بأوائل الثلاثينيات من عمره -هو محفوظ - بقوله "ساد الشعر في زمن الفطرة؛ أمّا في عصر العلم والصناعة فنحتاج لفن جديد، حيث إنّ الشعر تنقصه العناصر الملائمة للعصر من حبكة وتشويق؛ عندها أضحت القصة هي شعر الدنيا الحديثة!".علمابأنّ نجيب محفوظ كان يحفظ الشعر العربي والتركي والفارسي الذي استخدمه في روايته "الحرافيش"!.

وروى عصفور قصة أخرى؛ وهي أن الأديب الراحل ألغى طباعةأولاد حارتنابمصر عندما سمع رفض الأزهر للرواية.. ولما وصله مشافهة استنكار شيخ الأزهر للمنع؛ ونزولا على نصح وإلحاح أصدقائه بضرورة طباعتها في مصر..طلب موافقة خطية من الأزهر؛ وهنا رجا شيخ الأزهر طلبا من الأديب بتقييم الرواية؛ وهنا رفض الأديب..كي لاتصبح سابقة تُحتذى!

وأنهى السلماوي حديثه بقوله إنّ الأديب الراحل كان متواضعاً؛ ففي طريقه ماشيا للقاء أصدقائه صادفه بواب عمارة رفع يده للسلام عليه؛ فعاد صاحبنا القهقرى لمصافحته؛ وقال مبرّرا "لولا اهتمام البسطاء بي؛ لما اهتم الناس لأدبي؛ ولما وصلت لنوبل"!في حين رفض مقابلة رئيس وزراء إسبانيا الذي كان بزيارة لمصر - إلاّ يوم السبت- الذي أتاحه الأديب للمعجبين؛ عندها قام الزائر الكبير بتمديد إقامته ليتاح له التحدّث مع محفوظ..!

وأوصت الندوة في خاتمتها بعدد من التوصيات من بينها: التعجيل بإقامة متحف للأديب لإبقاء ذكراه خالدة تجاه محبيه، وإدراج نصوص مختارة من مؤلفاته بالمناهج الدراسية لتذكير الناشئة به.

تعليق عبر الفيس بوك