الارتقاء بخدمات "الطيران العماني"

علي بن راشد المطاعني

في ظل المنافسة المحتدمة بين شركات الطيران المختلفة في جذب المسافرين من خلال ما توفره من وسائل مريحة، والحرص على الفخامة والنظافة وتوفير أقصى درجات الراحة للمسافرين، فإنّ غياب أو إهمال إحدى تلك الميزات أو معظمها، أمر لا يمكن تخيله.

غير أن شركة الطيران العماني تعاني من بعض التراجع في هذه التنافسية. وربما وفي ظل كثافة الموسم تغض الشركة الطرف عن الاهتمام بالرحلات المحلية، ففي رحلة على متن إحدى طائراتها من مسقط إلى صلالة يوم الخميس الموافق الـ27 من أغسطس الجاري 2015، الساعة الثانية والنصف ظهرًا، تبينتُ تراجع بمستوى الخدمة في الناقل الوطني، وهو ما يستدعي مراجعة واسعة وتقييم للخدمة على متن طائراتها. وخلال هذه الرحلة تعرضت للكثير من المشاهد التي تؤكد عدم جودة الخدمات بالمستوى المأمول من هذه الشركة الوطنية، وربما يتسبب ذلك في تفضيل البعض لشركات طيران أخرى أجنبية على حساب الناقل الوطني التي من الطبيعي أن يدعمها.

فهذه الرحلة التي انطلقت بنهاية الأسبوع شابها الكثير من المشكلات التي واجهتني وواجهت ركاب هذه الرحلة بالتحديد، في مشهد ربما نجده في السينما!.

وعلى الرغم من أن هذا النوع من الشركات يقدم خدماته انطلاقًا من مفاهيم الفخامة والراحة وغيرها من الكلمات التي تبعث على الاسترخاء، أهمها بشاشة وجوه مقدمي الخدمة على متنها في أعالي طبقات الجو.

إلا أنّ كل ذلك لم يكن في هذه الرحلة، بل العكس من ذلك للأسف. فهل يتخيل المسافرون عبر الطائرات أن يجدوا حشرات تزاحمهم في بعض المقاعد، وهو ما يهدد بتداعيات سلبية على الناقل الوطني وسمعته محلياً ودوليًا. لكن ذلك ما حدث وسط اندهاش المسافرين، وأسفهم في الوقت نفسه.

إنّ هذه الواقعة تستدعي من الشركة أن تزيد من أنشطة التفتيش وإجراءات السلامة على طائرتها، لاسيما في المواسم التي تشهد إقبالا كبيرا من الركاب، مثل موسم خريف صلالة، إذ من المحتمل أن يغادر على متن طائرات الطيران العماني الكثير من الأسر التي ذهبت لحضور فعاليات المهرجان، وهذه الأسر تغادر وتضع في أمتعتها الكثير من المواد الغذائية والأعشاب من ظفار، وربما يصاحب ذلك وجود حشرات، ويتزايد الأمر مع عدم الاهتمام بنظافة قمرة الطائرة.

أملنا كبير بألا يكون ذلك هو حال جميع الطائرات، وأن تكون هذه الرحلة فقط هي التي تعاني من الخدمة المتراجعة المستوى، وأن يكون ذلك أيضًا دافعا لدى الإدارات المختصة في الشركة إلى مزيد من الاهتمام بنظافة الطائرات، وكما أسلفنا خلال فترات المواسم.

من جانب آخر، فإن الأخطر من تكاثر الحشرات التأثير السلبي على سلامة الطائرات وأجهزتها، فتسللها إلى أجزاء الطائرة الحساسة قد يجعلها تعيث فيه فسادًا، وتقلب الأمور رأسا على عقب، ويحصل ما لا يحمد عقباه.

وحين سألنا القائمين على الرحلة عن هذه الحشرات، ومن أين جاءت؟ لم تكن لديهم إجابات واضحة، سوى التعبير عن عدم رضاهم عما حصل من مظهر لا يليق بناقل وطني يحمل اسم السلطنة، ولسان حالهم يقول: إنهم مجرد موظفين لا يغيرون من الأمر شيئاً!

فالنظافة في شركات الطيران هي العنوان الأبرز الذي يميز خطوطا عن غيرها، وهي المعيار الأهم في تفضيل المسافر لرحلاته على متن هذه الشركة أو تلك، بل إن عدم النظافة سمة تظل عالقة في الأذهان للأبد لا يمكن أن تتغير مهما فعلت الجهات أو الشركات على تغيير صورتها، وهو ما يسمى بالانطباع الذي يترسب في عقلية المسافر من موقف غير إيجابي. هذا ما يجب أن تحسب له شركة الطيران العماني ألف حساب في كل خطواتها ومجالات عملها.

الأمر المزعج الآخر الذي حدث لنا في رحلتنا من مسقط إلى صلالة، هو سماع أصوات شبيهة بالرعد جللت أسماعنا من سقف الطائرة، حسبنا بأن جسم الطائرة أصابه وابل من البرد في عز الصيف، ما أثار الرعب في قلوب المسافرين، حيث كانت المفاجأة بسقف الطائرة يقطر فوق رؤوسنا مطرًا، وتنسكب المياه مبللة ملابسنا والمقاعد، بشكل يرثى له ناهيك عن أن يكون بالطائرة وفي درجة رجال الأعمال على وجه الخصوص.

وعندما سألنا المشرفين على الرحلة عن هذه الحالة غير اللائقة وغير المألوفة، أشاروا إلى أن المكيف معطل ويتجمد ويفرز حبات من الثلج، وتذوب لتتسرب المياه إلى مقاعد الطائرة وأجساد الركاب وملابسهم، فتملكتني الحسرة من الحالة التي وصل لها الطيران العماني الذي طالما حلمنا أن يكون في مستوى النظافة بما يعرف عن بلادنا التي يضرب بها المثل، إلا أن كل هذه القيم النبيلة لم تبحر مع الطيران العماني في الفضاءات المفتوحة.

السؤال الذي يطرح نفسه: إلى متى سيظل "الطيران العماني" يعاني من هذه المشكلات التي تؤثر على مستوى سمعته بين المسافرين؟ ومن المسؤول عن هذا الوضع الذي وصلت إليه هذه الشركة الوطنية؟.

ونحن في انتظار رد الشركة...

تعليق عبر الفيس بوك