الأحمر "الصغير".. مشروع للغد

حسين الغافري

في وقت تشهد فيه الكُرة العُمانية ملفات ساخنة متوترة في فصولها الحارة كحرارة أجواء العاصمة العامرة مسقط، واستمرار ارتفاع درجات الحرارة لما فوق الأربعين. وآخرها هذه الأجواء بعد أن حقَّق فنجاء لقب كأس السوبر المحلي دون أن يلعب لقاؤه أمام العروبة إثر اعتذار الأخير، وما سبقه من أحداث ومناورات من قبل، وحتى من بعد تتويج فنجاء بالسوبر الذي سُمِّي بمسميات كثيرة، وتداولت النُكت عنه في مواقع التواصل الاجتماعي؛ حتى إنَّ بعض المواقع العربية وصفته بأنه "السوبر الأغرب"!كان تلويح الاعتذار وعدم الحضور مسبق بحجج تنوعت: كالمستحقات المالية، أو طلب تأجيل اللقاء حاله كحال بطولة الدوري المؤجلة بعد أن تم إقرار جدولها في وقت ماضٍ من هذا الشهر، أو انشغال اللاعبين بالمنتخبات الوطنية...وغيرها من الملفات. رغم هذه الأجواء الحارة بمسقط كان مُنتخبنا الوطني للناشئين يشق طريق المجد وكان كسحابة الشتاء الباردة التي هطلت بالغيث العميم على فضاء المستديرة العُمانية الحار لتعم قلوب المحبين والمغرمين بعشق العلم واسم عُمان فرحاً وسروراً.. على أمل أن تزيد الأفراح بعد أيام قليلة بلقاء المنتخب الأول ضد تركمانستان وحصد النقاط الثلاث كاملة،وبعده بوقت وجيز نقاط لقاء جوام المتصدر حتى اللحظة للمجموعة ضمن التصفيات الآسيوية المزدوجة المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم في روسيا عام 2018م والتي تستدعي توحيد النظر والوقوف خلف المنتخب وتأجيل النقاش بالمواضيع الرياضية الأخرى إلى ما بعد هاتين المباراتين المهمتين؛ فهي مهمة وطن أجمع تستوجب ذلك.. وأكثر.

وبالعود إلى مُنتخبنا الصغير، والذي حقق اللقب بتفوق، وشق طريقه إلى الإنجاز ليظفر به بعد أن جانبه التوفيق في النسخة الماضية وخسر بركلات الترجيح أمام مُنتخب الإمارات العربية المُتحدة. المُنتخب -وبالقيادة المحلية للكابتن يعقوب الصباحي- بذرفي نفوسنا الاطمئنان بأن هُناك جيلا قادما لكرة القدم العُمانية يحتاج إلى صقل وتعزيز في بنائه حتى يكبر وينمو عوده ليحمل في عاتقه مهمة المُنتخب الأول في المستقبل الذي نأمل أن يكون واعدا وذا طموحات أوسع. والمُتابع للمُنتخب الناشئ في دولة قطر ضمن بطولة كأس الخليج يجد أن الأحمر قدم لقاءات مثالية وجيدة المستوى ويبشر بالطموحات الكبيرة للكرة العمانية؛ فقد حقق الانتصار في مجموعته على البحرين والكويت ليصعد إلى نصف النهائي ويواجه قطر المضيفة للبطولة ويتجاوزها برأسية الزعابي في الوقت بدل الضائع من اللقاء بعد أن كانت المباراة تشير إلى التعادل الإيجابي 2/2. أما نهائي البطولة، فقد حقق المُنتخب الصغير الحلم وانتصر على الأخضر السعودي بركلات الترجيح 5/3 بعد انتهاء الشوطين الأول والثاني بالتعادل السلبي. حصد الأحمر اللقب المستحق بالعلامة الكاملة وبانتصارات على كل المنتخبات التي واجهها، وكان فوق المستوى، وقد حقق حامي عرين الأحمر يوسف الشيادي جائزة أفضل حارس في البطولة كإنجاز فردي مستحق نظير جهده وتألقه على مستوى البطولة ككل.

... فوز الأحمر جاء ليؤكد مجدداً أن السلطنة من أقصاها إلى أقصاها تمتلك كنزا كبيرا من المواهب والطاقات الشبابية القادرة على رفع اسم عُمان دائماً، وهو أمر مسلَّم به ولا يحتاج إلى كثير من النقاش والخوض في تفاصيله؛ فمن يشاهد الحواري العُمانية والشواطئ والمجمعات والأنشطة المختلفة الحاضنة لهذه المواهب في مقتبل أعمارهم وحتى الكبار منهم ليُدرك تماماً العشق الكبير للرياضة عامة ولكرة القدم بشكل خاص، وكيف أنها تستلهم فئة كبيرة لا يُستهان بها من أبناء الوطن.

لقد حقق المُنتخب الصغير فوزه برهن على أن هذه الطاقات ستبدع وستنطلق إلى الأفق طالما وجدت الحاضنة الملائمة والبيئة الخصبة التي تصقل مواهبها، وطالما دُعِمت وطًورت بما يجب. وهنا يجب الإشارة إلى أن هذا الجيل خصوصاً يجب أن يحظى بعناية خاصة فهو مشروع مستقبل واعد، يجب أن نفرح اليوم، ولكن في نفس الوقت لا نبقى بذات الطموحات. هدفنا أن نرى النجاحات أوسع آسيويًّا وعالميًّا.. ولن يحدث ذلك إلا إذا مُهّدت الأرضية لهؤلاء الصغار وطوروا في إمكانياتهم وصُقِلت مهاراتهم ومواهبهم. عندها، يحق لنا أن نحول الطموح من الخليجية إلى العالمية لنرى نتيجة ما زرعنا.

تعليق عبر الفيس بوك