"السوبر المجاني".. العبثية تتحد مع الاستهتار!

أحمد السلماني

ما هذا الذي يحدث للكرة العمانية، ففضلاً عن تراجعنا على كافة المستويات فإننا ومنذ أمد ليس باليسير لا نكاد نخرج من أزمة إلا وتتكالب علينا أخريات ما بين مستحقات لقضاة الملاعب وحجب للثقة وأزمات مالية بعثرت حتى أوراق إعداد منتخباتنا الوطنية ومستحقات للأندية وأخرى عليها ليستمر مسلسل الأزمات وتخرج وسائل الإعلام بمانشيت عريض يقول "السوبر فنجاوي ببلاش بعد انسحاب بطل الثنائية" حتى خُيِّل لي صراحة أن هناك من يعبث بالكرة العمانية ويفتعل هكذا أزمات وبشكل ممنهج وغير مسبوق والضحية الكرة العمانية المريضة.

نعم لقد استشرى وانتشر الداء في كل مناحي وميادين كرة القدم العمانية، ما بين فرق أهلية حولت بعض مباريات "شجع فريقك" لحلبات مصارعة حرة وأندية تلعب في المسابقات المحلية وكانت البشارة بمباراة سوبر هي مسرحية ساخرة عكست بصدق حال الكرة العمانية ومنتخبات تعاني قلة الإعداد والمباريات التجريبية وقريبًا جداً سنستجدي معسكرات لمنتخباتنا من دول شقيقة والمشكلة أولاً وأخيرًا المادة، عصب كل شيء وكرة القدم ليست استثناء.

ولن أزج بالقارئ الكريم في تفاصيل مباراة السوبر والأحداث التي واكبتها لأنّ الشارع الكروي بالسلطنة عاشها والإعلام بشتى وسائله واكبها لحظة بلحظة ولكن سنبحر وننبش ما وراء الأخبار والأحداث لعلنا نعرف السبب الحقيقي لفصول مسلسل السوبر، والبداية من العناوين

اتحاد الكرة يستجيب لطلب ناديي العروبة وفنجا ويؤجل مباراة السوبر، العروبة قبل أقل من 48 ساعة يعلن انسحابه من المباراة، فنجا يطالب بتتويجه باللقب في حالانسحاب العروبة، أماالتفاصيل والجزئيات فهذه بقيت حبيسة صدور أعضاء اتحاد الكرة وبقية الأطراف المعنية إلا من تصريحات هنا وهناك واجتهادات واتسابية وتغريدات لينفذ العروبة ما عزم عليه فحضر فنجا والحكام والإداريون والإعلام وغاب الطرف الآخر العروبة في تصرف نادر وحدث غير مسبوق على مستوى المنطقة بل والعالم مع استثناء نادر في أسبانيا مع اختلاف كبير في الظروف لتتسابق وسائل الإعلام الافتراضي منها والرسمي لتصبح الكرة العمانية محط سخرية العالم وبتعليقات ومانشيتات أصابت الرياضة العمانية والكرة بوجه خاص في الصميم، الأمر الذي حذرنا منه وحاول القائمون على الكرة والحكماء إثناء العروبة ومحاولة تقريب وجهات النظر بين طرفي القضية بلا جدوى لتنقل القنوات الفضائية المشهد المضحك المبكي.

مالا يعلمه المتلقي الكريم أن هذا المشهد وموقف نادي العروبة هو موقف نادر الحدوث بل إنّه غير مسبوق من قبل هذا النادي العريق الذي لطالما كان الداعم الكبير ومن يقود أندية السلطنة لخدمة الكرة العمانية ولطالما كان الحلقة الصلبة والمتينة التي لا يمكن الولوج منها للعبث بالكرة العمانية نظير فلسفته والقاعدة الصلبة التي أسس عليها منذ إنشائه والدليل أنّه لم يهبط مطلقاً طوال تاريخه الكروي الذي يمتد زهاء 4 عقود ونيف إلى الدرجة الأدنى هو ونادي ظفار وبالتالي فما حدث في قضية السوبر إنما هو استثناء وعلى غير العادة وشخصياً أراهن على أن سعادة الشيخ عبدالله المخيني رئيس النادي كان تحت ضغط رهيب ما بين مطرقة مطالب اللاعبين وسندان التوافق مع اتحاد الكرة فاختار الانحياز لقرارات مجلس إدارة ناديه وعندما نتحدث عنه شخصيًا لأن مواقفه في دعم كرة القدم العمانية مشهود جانبها.

ما حدث ومن وجهة نظر شخصية أن المبررات التي ساقها العروبة لا ترقى لقرار عدم خوض نهائي السوبر فجميع أندية السلطنة تعاني من عدم اكتمال نصاب التدريبات لتواجد لاعبيها بالمنتخبات الوطنية ودوري الجيش السلطاني العماني لكرة القدم، وإذا كان العروبة يفكر في أن يستوفي مطالباته المالية لدى اتحاد الكرة فهناك أكثر من وسيلة لذلك طالما أنه وبقية الأندية التي لديها مطالب هي الأخرى قد اتفقت واتحاد الكرة على تسوية المبالغ المستحقة في نوفمبر القادم في حال توفر السيولة النقدية.

فنجا هو الآخر ساهم في الحدث ولو من بعيد بأن أصر على مواجهة العروبة لا سواه يقيناً منه بإصرار منافسه على الانسحاب ليضع هو الآخر اتحاد الكرة في زاوية ضيقة والذي بدوره وكمخرج من الأزمة أعلن عن إقامة اللقاء في التاريخ والموعد المحدد وفي حالانسحاب العروبة إحالة الملف للجنة الانضباط وهو ما حدث.

ما يهمنا نحن هنا عدة تساؤلات، لماذا وقبل كل موسم كروي تظهر هكذا قضايا وأزمات؟ ومن وراء كل هذا؟ ولمصلحة من؟ وهل يدرك من ينتهج هكذا طريق ولمصالح آنية وشخصية أنه يعبث بمستقبل كرة القدم العمانية؟ وأين مواقف اتحاد الكرة الحاسمة والحازمة حيال روزنامة مسابقاته؟ ولماذا لا تعد قبل نهاية كل موسم؟ ولماذا تنتظر الأندية قوت برامجها من اتحاد الكرة ومنحة الوزارة؟ أين استثماراتها ومصادر دخلها الأخرى؟وطالما أن أوضاعها المادية لا تسمح بتعاقدات كبيرة فلماذا الإصرار على دفع مبالغ طائلة وعقود كبيرة للاعبين لا يستحقون؟ هل يعلم هؤلاء أن لاعب دولي بمنتخب الشباب طلب 20000 ريال مقدم عقد من ناد؟ "بعدك .. تو الناس" وهل يعلم الشارع الكروي بالسلطنة أن أمين صندوق أحد الأندية قد قام برهن بيته ليحل أزمة مستحقات اللاعبين ونحمد الله أنّه تمكن من فك رهن البيت سريعاً بعد هبة أعضاء الشرف وإلا لعاش وأسرته بمنزل مستأجر؟ عودوا إلى رشدكم وأعيدوا لنا كرتنا المسلوبة، فدوري المحترفين بحاجة إلى قرار سياسي ودعم حكومي وهو ما لا يتوفر لدينا، وعلى الأندية التي لا تنتهج طريق الاستثمار وإيجاد مصادر دخل لها أن تسلم مفاتيحها لوزارة الشؤون الرياضية فهذه كمن يحرث في البحر ستجد نفسها مضطرة إلى إيقاف برامجها لتراكم ديونها.

هنا يجب أن يتدخل الحكماء وليرحل الأوصياء فكفى عبثية واستهتار.

تعليق عبر الفيس بوك