الكويت توحد أمة

حمود بن علي الطوقي

لا أود الحديث في هذا المقال عن الهجوم الدموي الذي تسبب في استشهاد أبرياء، ذنبهم الوحيد أنّهم اتِّجهوا إلى القبلة ملبين نداء الله "حي على الصلاة"، فما حدث لهؤلاء الأبرياء يعتبر عملاً إجرامياً شنيعاً وغير مقبول، ولكن الأشد والأنكى أن نرى من يؤازر ويدافع عن مثل هذه التصرفات اللاأخلاقية واللا إنسانية.

ورغم قساوة ما حدث لدولة الكويت الشقيقة من غدر من قبل انتحاري فجر نفسه في مسجد الإمام الصادق بحي الصابرة يوم الجمعة الماضية، لكنه يمكن أن يكون مدخلاً ورسالة محبة وسلام تدعم لم الشمل بين الأشقاء، وعلى الأمة الكويتية أن تتخذ من هذه العملية الإجرامية دافعاً للتماسك ونبذ الطائفية والفتنة وأن تتوحد، وتقف صفاً واحداً لمواجهة ورفض كل ما يُعكِّر صفو الوحدة بين الشعوب.

فالإسلام الحق إنما ينبذ التعصب والتشرذم ويدعو إلى توحيد الصف تحت لوائه، حيث قال تعالى:" واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا".

إن تنظيم داعش الذي بدأ يبحث عن موطئ قدم في عدد من العواصم العربية وللأسف يُنظر إلى هذا التنظيم الإرهابي من قبل بعض الجهلة على أنه كيان إسلامي.ويجب على العالم أن يرفض هذا المصطلح وحاشا أن يمت هذا التنظيم بأي صلة للإسلام.

استحضرت وأنا أكتب هذا المقال كلمة معالي يوسف بن علوي الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية عندما وصف هذا التنظيم في كلمة ألقاها أمام مجلس الأمن بأنه "الدولة اللا إسلامية" في إشارة واضحة إلى أنّ عمان تستنكر قيام هذا التنظيم وتستنكر التصرفات اللاأخلاقية التي لا تمت للإسلام بشيء، فالإسلام دين رحمة ومحبة ودين تسامح وألفة، ففي مخيلة العارفين عن الحضارة الإسلامية بغض النظر عن دياناتهم ومعتقداتهم أن الدين الإسلامي السمح منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا عرف بالعدل ورجاحة الفكر وصفات التسامح فهذه هي الرسالة المحمدية تجاه البشرية جمعاء..

وهذا الفكر المحمدي السمح انتهجه الصحابة من الخلفاء الراشدين والتابعين فيما بعد، مما كان له الأثر البالغ في تعزيز ركائز الدولة الإسلامية الصحيحة والمتينة بالتسامح والعدل والإنصاف واضعين رضا الله جلّ وعلا نُصب أعينهم أثناء نشر الدعوة الإسلامية التي أتت لتمكين البشرية للعيش بسلام وإخاء وإعماراً للأرض بفكر مُتزن يضمن للفرد حقوقه الكاملة في الأطر الاجتماعية والاقتصادية وتنظيماً لمسائله الحياتية بشكل ممتد زمنيًا ليتناسب وكافة الظروف المتغيرة.

إنّ الممارسات العدوانية للفكر الداعشي أصبحت حديث الناس الصغير قبل الكبير واختلطت الأوراق حول هذا التنظيم الذي يطرق باب الجهلة ويعشعش في أفكارهم البسيطة بإثارة قضايا عقائدية لا تمت للإسلام بصلة، فيُمكن أن نُفسر ما نراه من هذا التنظيم الداعشي باختصار بأنّه أزمة فكر وأزمة ثقافة تجاه أبناء المجتمع، وللأسف استطاع هذا الفكر الإرهابي أن يصل إلى بعض المغرر بهم من قبل التنظيمات الإرهابية تحت غطاء الإسلام وهذه الفئة مغلوب على أمرها لأنها تتأتر بمن حولها خاصة إذا كان الحديث يدور حول الإسلام ومعتقداته السمحة.

استطيع أن أجزم كغيري من الذين نتابع ما يردنا من ممارسات خاطئة بأنه من الجهل أن ينظر المرء تجاه داعش بصفته كيان. ولكن ما نراه في داعش .. هي أزمة فكر بكل ما تعنيه الكلمة .

إن من يقودون هذا التنظيم لاشك أنهم بعيدين كل البعد عن المعرفة بالعلاقات الإنسانية ولا يمتلكون الشجاعة للحديث عن التنمية والأهداف النبيلة للتعايش السلمي بين أفراد المجتمع فرسالتهم هدامة لأنهم لا يمتلكون ثقافة الحوار فهم يطبقون أجندات خارجية، تعتمد سياسة الغوغاء الهشة بهدف النيل من الإسلام كدين سماحة ووقار وتصويره للغرب ولغير المسلمين على أنه دين قتل وسفك للدماء، لهذا فنحن في عمان نستنكر أية تصرفات خارجة عن العقيدة الإسلامية السمحة.

ولن يستطيع أياً كان أن يؤثر علينا فنحن شعب تشربنا العلم والمعرفة ومن الصعب أن نتأثر بأي فكر يُعكر صفونا فمبادؤنا ستظل قائمة على النهج الإسلامي الحنيف وأخلاقنا سبب تماسكنا.

أخيراً نتقدم بتعازينا الحارة للأشقاء في دولة الكويت ونسأل الله أن يتغمد الشهداء بواسع رحمته ويُسكنهم فسيح جناته.

تعليق عبر الفيس بوك