حاتم الطائي:-
على مدار 43 عامًا من عمر نهضتنا المباركة يتحقق الحلم العماني يومًا بعد يوم لتكتسي الأرض العمانية بالإنجازات الحضارية من مدارس ومستشفيات وطرق، وجامعات ونماء يعم كافة القطاعات الاقتصادية والسياحية والزراعية والتجارية وعلاقات خارجية توطد على المستويين العربي والدولي، وتقدير عالمي للتجربة العمانية التي يؤشر تطورها إلى مستقبل أفضل.
والأهم مما سبق هو بناء الإنسان العماني المستنير الواقف على أرض صلبة من خلال دولة المؤسسات والقانون.. هكذا أرادها صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم عندما أطلق وعده بالتحول إلى دولة عصرية في أسرع وقت ممكن.
فالإنسان هدف للتنمية، وصانع لمفرداتها، ومحافظ على مكتسباتها، وكل مواطن من كمزار وحتى جبال ضلكوت عليه واجب العمل على تعزيز التنمية وصونها كمكسب وطني.
إنّ بلادنا تولي اهتمامًا متزايداً لضمان الحقوق الأساسيّة للإنسان في ضوء المواثيق والإعلانات والاتفاقيات الدوليّة، وتأسيسًا على ذلك أصدرت الحكومة العديد من التشريعات الهادفة إلى حفظ حق الإنسان في العيش الكريم، متمتعًا بسائر حرياته، كما أنّ النظام الأساسي للدولة ضامن رئيسي لحرية الإنسان العماني في إطار من التنظيم.
إنّ هذه الإنجازات تؤكّد بما لا يدع مجالاً للشك، أنّ بلادنا على المسار الصحيح للتنمية الخلاقة في شقّها المتعلّق بإرساء أركان دولة القانون والمؤسسات، باعتبار أنّها أساس الفعل التنموي الواعي القائم على الفهم الصحيح لمتطلبات المجتمع، والملبي لاحتياجات كل مرحلة وفق أسس منهجية، وبناءً على تخطيط سليم، يكفل تعزيز نهضتنا. ويعمق ما تعيشه بلادنا من حراك تنموي.
والمتأمل في الخطوات البناءة لجلالة السلطان، يجد أنّها تتجذر عميقًا، وتستمد أبعادها وحيويتها من مفهوم التنمية الخلاقة، الذي ينتهجه منذ بداية عصر النهضة المباركة وحتى اليوم في بناء عمان الجديدة. هذا المفهوم يقوم بشكل أساسي على التوازن والعقلانية والواقعية وتحقيق الممكن والبُعد عن القفزات غير المحسوبة، وعدم الانسياق وراء الموجات الشعاراتيّة الفارغة التي لا تُقدّم ولا تؤخر.
ويشهد الجميع لجلالته بالحرص المدروس على تهيئة المجتمع العماني بالتعليم والممارسة الديمقراطية، وتراكم الخبرات الجماعيّة لاستيعاب المزيد من منهج التنمية الخلاقة الذي يضمن الوصول إلى أفضل النتائج على المدى الطويل، فالتغيير هنا يأتي استجابةً لحاجة تنبع من رحم المجتمع ضمن مرجعيته وخصوصيته العربية والإسلامية، وينطلق من رؤية مستقبلية تضع نصب عينيها دائمًا تقدم الوطن وخير مواطنيه. إنّه مسلك ونهج للتنمية الخلاقة يتضمن التفكير والعمل الوطني لتجاوز معوقات الحاضر، والتوجه نحو المستقبل مع الحفاظ على الثوابت الوطنية.
إنّ الإنجازات أكثر من أن تعد وتحصى وما يعنيني بشكل أساسي هو بناء الإنسان الإيجابي والمستنير والمحصن من الصدمات والمؤامرات – الإنسان الهانئ اليوم تشرب من مناهل العلم منذ نعومة أظفاره وحتى داخل الجامعات واكتسب المهارات والعلوم المفيدة كل فى مجاله وتخصصه.
كانت رؤية صاحب الجلالة واضحة في مرحلة مبكرة من عمر النهضة بأن تكون عمان الخير في مصاف الدول المتقدمة والحضارية يتشرب أبناؤها الثوابت الأساسية المرتكزة على سماحة الدين الإسلامي والوحدة الوطنية والقيادة الحكيمة لصاحب الجلالة والتدرج في التنمية.
هذه ثوابت لا ينبغي المساس بها، أما التفاصيل فأولوياتها تخضع لطبيعة المرحلة وظروفها المختلفة.
ونحن نحتفل اليوم بيوم النهضة المباركة فإنّنا نُجدّد العهد والولاء لتمضي السفينة العمانية نحو بر الأمان في عالم تزداد أمواجه وعواصفه العاتية حفظ الله عمان وقيادتها الحكيمة.