سالم بن نجيم البادي
يُعتقد أن المقصود هنا بـ"الأقلية المُهمَّشة" هم المواطنون الذين يعملون في القطاع الخاص؛ إذ أصبحوا أقلية يقابلها أكثرية مُسيطِرة من العاملين الوافدين، وأغلب هؤلاء من جنسية واحدة نافذة، أطلق عليها أحد الكُتّاب مسمّى الجنسية الواحدة، وهي معروفة لدى الجميع.
وفي التصريح المنسوب إلى معالي وزير العمل الموقر، ورد أن عدد العاملين الوافدين في سلطنة عُمان تجاوز 1.8 مليون وافد؛ منهم 1.4 مليون بالقطاع الخاص، في حين يبلغ عدد المواطنين العُمانيين العاملين في القطاع نفسه411.25 ألف عامل عُماني بنهاية يوليو 2025.
ويُقال إن إجمالي الوافدين في وظائف مديري الإدارة العامة والأعمال بنهاية يوليو 2025 بلغ 95 ألف مدير وافد، مُسجِّلًا ارتفاعًا بنسبة 5.5% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024. وهذه أرقام مُخيفة تكاد لا تُصدَّق، وتؤكد صدق القول إن المواطنين أصبحوا أقلية في القطاع الخاص في بلدهم، ويعانون التهميش، وكثير منهم يشغلون وظائف تقليدية مثل موظفي الاستقبال والمحاسبة والباعة والحراس والسائقين، إضافة إلى بعض الوظائف الإشرافية المتواضعة.
ويروي الدكتور محمد العريمي رئيس جمعية الصحفيين العُمانية، عن أحد التجار العرب الذين عاشوا سنوات طويلة في عُمان قوله: "إن المواطن العُماني أصبح يُوضَع في الواجهة وفي صالات الاستقبال، بينما القرار الحقيقي في يد الجالية المعروفة التي تهيمن على كثير من مفاصل الاقتصاد والتجارة".
لقد أصبح كثير من المواطنين أقلية مُهمَّشة مهددة بالتسريح في أي وقت، يتقاضون رواتب زهيدة لا تتجاوز 325 ريالًا، بل إن بعضهم يتقاضى أقل من ذلك بدافع الحاجة المُلحّة إلى العمل. وهذه الأقلية قد تتعرض للإهانات وسوء المعاملة والنظرة المتعالية من بعض الوافدين أصحاب العمل.
فهل يُعقل أن يحدث هذا للمواطن العُماني في عقر داره؟ وكيف سُمِح للوافدين بهذا التغلغل؟ ألا يحتاج الأمر إلى تدخل عاجل لحل هذه الإشكالية، حفظًا لكرامة وحقوق المواطنين العاملين في القطاع الخاص؟
إنه لأمر مؤلم حقًا أن نرى أفواجًا من الشباب العُماني يقفون على أبواب شركات الأجانب يستجدون فرصة عمل في وطنهم، بينما يملك الغرباء وحدهم حق القبول أو الرفض، ويفرضون الشروط المجحفة على أبناء البلد.
هذه ليست دعوة إلى إغلاق البلاد في وجه المستثمرين الأجانب، فكل الدول تسعى إلى جذب الاستثمارات الأجنبية، لكن ينبغي تنظيم العلاقة بين المستثمر الأجنبي والمواطن العُماني، حتى يكون هذا المواطن عزيزًا مُكرَّمًا، وله الأولوية القصوى في الاستفادة من موارد وخيرات بلده، وفي حياة كريمة في وطنه. ويجب أن تكون له اليد العليا، وألا يُترك الأمر بيد الأجانب بحجة الحاجة إلى الاستثمار، فلا مرحبًا باستثمارٍ ثمنه تهميش المواطن العُماني.
إنَّ تصحيح هذا الوضع المائل في القطاع الخاص هو مطلب مُلحّ. فهل من مستجيب؟
