خلفان الطوقي
يوم الشباب العُماني يقترب من موعده الذي يوافق تاريخ 26 أكتوبر من كل عام، وتخصيص يوم باسم الشباب في حد ذاته مبادرة وطنية في طريقها الصحيح، كما إن وجود "مركز الشباب" دليلٌ على جدية المساعي الحكومية لاحتضان واحتواء مواهب الشباب، والآن هناك جهود مبذولة لافتتاح أكثر من فرع لهذا المركز في المحافظات المختلفة، وذلك بعدما تم الإعلان عن فروع للمركز في محافظات ظفار ومسندم والداخلية وجنوب الشرقية، ومن المتوقع أن يُعلن عن فروع جديدة في محافظات أخرى قريبًا بالتزامن مع يوم الشباب العُماني.
عشرات الآلاف استفادوا من مركز الشباب، ويقدم خدمات منوعة ودورات تدريبية واستشارات وشملت جميع محافظات السلطنة، ولديه حاضنات يمكن أن يستفيد منها الشباب، ومن ضمن أهدافي في هذه المقالة دعوة الشباب للاستفادة من هذا المركز الهام، خاصة للشباب أو أولياء أمورهم الذين لم يستفيدوا منه بعد أو لم يعلموا عنه من قبل.
هدفي الثاني هو اقتراح إنشاء صندوق لدعم المواهب العُمانية؛ فبالرغم من وجود مركز للشباب، إلّا أن المركز وحده لا يكفي، خاصة أن المركز يخدم كافة الشباب، أما وجود صندوق لدعم المواهب فهو موضوع آخر يستهدف فئة محددة وقليلة، ولكنها فئة مؤثرة وجوهرية لأي مجتمع وبلد، وبالرغم من وجود جهود حكومية لدعم المواهب الوطنية لكنها محدودة وخجولة ومشتتة واجتهادية وقرارتها ارتجالية وغير محكمة وتفتقر للحوكمة.
وينتشر في بعض الأحيان وتصلنا إنجازات لشبابنا عبر وسائل التواصل المختلفة وآخرها قبل عدة أيام فوز البطل العُماني العالمي عمر الغيلاني الذي استطاع الفوز بالميدالية الفضية على مستوى العالم في بطولة الغوص الحر، وهناك عشرات الإنجازات من المواهب الفردية رياضيا وثقافيا وعلميا وفنيا وتقنيا وغيرها من مجالات، ولديهم من القصص الكثير التي تتشارك فيها نقطة جوهرية وهي "الشح الشديد للدعم المادي".
مقترح "صندوق دعم الشباب" ليس ترفًا؛ بل واقع مُلح تحتاجه عُمان وشبابها الموهوب، فوجود مثل هذا الصندوق سوف يكون حاضنة إضافية مُقنَّنة ومُحوْكَمة، وسوف يعمل وفق آليات واشتراطات واضحة ومعلنة، ويمكن أن تعلن عن آليات الدعم الكامل أو الجزئي، التي سوف تبعد عنَّا التشتت أو الارتجالية أو العشوائية أو البطء أو التحيز في اتخاذ قرارات الدعم من عدمه.
هناك من يتخوف من إنشاء كيانات جديدة، عليه، لابد من توضيح أن الصندوق ليس بالضرورة مبنى ضخم أو هيكل تنظيمي معقد أو مكلف أو موازنة باهظة؛ فهناك العديد من التجارب العالمية والإقليمية يمكن أن يستفاد منها بما يحقق أهدافنا الوطنية بشكل عملي مرن وسلس.
نحتاج لإنشاء هذا الصندوق برأس مال حكومي كبذرة له، ومن ثم إيجاد آليات التمويل الحكومية من كل الجهات الحكومية المعنية بالشباب العُماني، ومن شركات القطاع الخاص من بند المسؤولية المجتمعية وحتى من الأفراد المقتدرين والمؤمنين بالمواهب الفردية التي ربما لا تتعدى نسبتهم من 5% إلى 10% من أي مجتمع، لكنَّ عطاءَها وإنجازاتها قد تتعدى عطاء النسبة الأكبر في المجتمع.
هذه النسبة البسيطة من المواهب العظيمة هم سفراء عُمان الحقيقيون في كل المجالات، ولكي يُبدعوا لا بُد من إيجاد آلية مستدامة مُحوْكَمة لدعمهم بشكل كامل أو جزئي، وهذا أضعف ما يُمكن أن تقوم به الحكومة الآن لكي يستمروا ويتميزوا وينتقلوا الى مرحلة أخرى، وضياع فرص تواجد الشباب العُمانيين الموهوبين في المحافل والبطولات والمسابقات الإقليمية والعالمية خسارة كبيرة ليس على الشباب الموهوب فقط، بل هو ضياع المزيد من الفرص على عُمان بوجه عام.
وعليه.. من المهم وجود صندوق لدعم المواهب الشابة، يبدأ الآن كبذرة صغيرة، ويتطور ويكبر مع الأيام.