الموقف الأمريكي من حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، ظل في صالح الاحتلال الذي يقود أبشع جريمة تطهير عرقي في التاريخ الحديث؛ إذ تواصل إدارة الرئيس دونالد ترامب ومن قبله إدارة جو بايدن، إمداد الاحتلال بالأسلحة والذخائر لمواصلة الجرائم في حق الشعب الفلسطيني أمام أعين العالم بأسره.
ولذلك، لا يُمكن ألّا نقرأ الخطة الأمريكية الأخيرة لوقف الحرب في غزة سوى أنها خطة انتداب أمريكي بريطاني للسيطرة على القطاع، الذي فشلت آلة التدمير والإبادة الإسرائيلية في إخضاعه لها، رغم الدمار والتهجير الذي لا يتوقَّف، وذلك على الرغم من الترحيب العربي والإسلامي بالخطة، حتى وإن بدا- إلى الآن- محدودًا.
الخطة الغامضة تبرهن على أنَّها تعرضت لتشويهات تسببت في جُملة من التناقضات، وهو ما كشفت عنه تسريبات إعلامية، تفيد بأنَّ مجرم الحرب بنيامين نتنياهو أجرى "تعديلات" على الخطة التي اتفق عليها ترامب مع قادة بعض الدول العربية والإسلامية في اجتماعهم بنيويورك قبل أيام؛ الأمر الذي "أغضب" قادة هذه الدول، وفق التسريبات الإعلامية. أضف إلى ذلك تصريحات نتنياهو بأنَّ الخطة الأمريكية تحقق أهداف إسرائيل من الحرب، مشيرًا إلى رفضه المُعلن قيام الدولة الفلسطينية، وتأكيده بقاء سيطرة جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة.
وفي ظل هذه المُعطيات، وما يشهده من قطاع غزة من تدمير واسع النطاق ونزوح متواصل للشعب المُحاصَر واستمرار آلة القتل والإبادة الإسرائيلية، يُخشى من ممارسة الضغوط على المقاومة الفلسطينية للإذعان لهذه الخطة، لا سيما وأن ترامب أطلق تهديدات بأنَّه إذا لم توافق "حماس" على الخطة "خلال أيام" فإنِّه سيُطلق يد إسرائيل لتفعل ما تُريد في غزة، وكأنَّ إسرائيل لا تفعل الآن ما يحلو لها من إبادة!
لا ريب أنَّ الجميع يُريد وقف الحرب في غزة، لكن لا يمكن القبول بمزيد من الظلم للشعب الفلسطيني؛ نظرًا لغياب أية ضمانات لعدم عودة إسرائيل للعدوان مرة أخرى، وضرورة أن يكون حكم غزة لأهلها بإشراف عربي وإسلامي، وليس انتدابا أمريكيا أو بريطانيا، فما دون ذلك لن يتحقق للفلسطينيين حُلمهم بإقامة دولتهم المستقلة.