موت.. ورحيل

 

 

سارة البريكية

sara_albreiki@hotmail.com

 

يؤمن الإنسان بقدره شرا كان أم خيرًا ويؤمن بربه ويرضى بأقداره وتراه صابرًا محتسبًا رغم كل سوء يمر به ورغم كل ألم ولكن العين لتدمع والقلب ليحزن وإنا على فراقك يا فاطمة لمحزونون.. هكذا ودعت صاحبة الوجه الجميل فاطمة بن أحمد الفزاري عضو المجلس البلدي بولاية صحم هذه الحياة صابرة محتسبة أجرها على الله بعد رحلة مرض صعبة أليمة رغم صغر سنها ورغم أنها رحلت في ريعان شبابها، وتركت في القلب غصة، وفي العين دموعاً وتركت أبناءها الصغار يبكون على خبر لم يتمنوا سماعه، وتركت أخي حسين بموقف صعب؛ إذ إنه الآن يحمل مسؤولية كبيرة جدًا، فلم يعد هو الأب أو الزوج فقط، إنما أصبح الأب والأم لأطفاله؛ فجعل الله ما أصاب قلوبهم من حزن جبرا لهم، وما قاسته من ألم هو عند الله عظيم..

رحلت كنسمة باردة تدخل في حنايا الروح وتستقر للأبد وهذا ما يريده الإنسان في هذه الدنيا الفانية هو طيب الأثر.

الرحيل المُر ليس له وقت وليس له أبواب وليس له مكان هناك أحداث وهناك الكثير من الغيبيات نحن لا نستوعبها بعقلنا البشري ربما بعض الرحيل راحة للبعض وخير كثير لا نعيه الآن ولكن علينا أن نتحلى بالصبر حتى نصل لمرحلة النضج الفكري والروحي والنفسي ونضج المشاعر فعندما ننضج حقيقة نرى الأمور بمنظار آخر ولكن ليس بعد الموت حديث.

يدخل الإنسان مع نفسه في حالة حزن وخوف وقلق شديد من المستقبل القادم ومن أيامه التي تلي موت الأحبة، لكنه سيجد نفسه أمام هذا الأمر وسيجد نفسه أقوى بكثير وسيمر رغم ما به من أحداث ومشاعر وبكاء ودموع وغصة وعذاب شديد لكن مروره لن يكون هيناً قط.

تتشابه الوجوه التي يمكن أن نرى فيها أحبابنا الذين رحلوا، ولكن ليست كل الوجوه تلائم المشاعر فقد نرى شخصا يشبه شخصا ميتا، ولكن الأمر هنا مختلف فما بالك بشخص يموت له إنسان تكون له نسخة أخرى في الحياة نسخة مطابقة له تمامًا إلا وهي توأمه هل سيهدأ الوجع أم هو بلسم آخر من الله فأن تنظر لوجه إنسان حي يشبه فقيداً لك هو بلسم وراحة نفسية لا يحس بها إلا من يجرب ذلك الشعور وتلك الأحاسيس فسبحان الله العظيم الذي جعل في خلقه شؤون وسبحان الله العظيم الذي لا يغلبه أمر وكل شيء عنده بمقدار وبوضوح وسبب.

بعد موت الأحبة يصبح الإنسان مختلفاً تمامًا ويحاول أن يعود كما كان ولكن لن يستطيع أن يعود للحياة السابقة فهناك حد فاصل وهناك إنسان مختلف عن الآخر وهناك حكمة كبيرة جدا فالله تعالى لم يخلق الإنسان عبثًا ولم يكن الإنسان إلا شيئاً ثمينا حمل أمانة السماوات والأرض وكان ذا قلب كبير وحكيم.

رحم الله تلك الروح الطيبة وجعلها في جنات النعيم وجعل لها أبواب الجنة مفتوحة وأجار ذويها في ما أصابهم من فقد عظيم.. اللهم آمين.

الأكثر قراءة