معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2025: منصة شعرية مفتوحة للموهبة والخبرة

أبوظبي * الرؤية

في محاضرة ثقافية لافتة نُظّمت ضمن فعاليات الدورة الـ34 من معرض أبوظبي الدولي للكتاب، قدّم المؤرخ البريطاني البروفيسور جوليان جاكسون قراءة معمّقة في كتابه "سيرة شارل ديغول.. فكرة محددة عن فرنسا"، الذي صدرت ترجمته العربية مؤخرًا بالتعاون مع مركز أبوظبي للغة العربية.

حضر المحاضرة كل من سعادة نيكولا نيمتشينو، السفير الفرنسي لدى دولة الإمارات، وسعادة الدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية، إلى جانب حشد من الشخصيات الثقافية والإعلامية المحلية والدولية، في احتفاء فكري وسياسي بشخصية تُعد من أكثر الشخصيات تأثيرًا في القرن العشرين: الرئيس الفرنسي الأسبق شارل ديغول.

 

استهل جاكسون حديثه بالإعراب عن امتنانه لترجمة كتابه إلى اللغة العربية، مشيرًا إلى أنه أول عمل من أعماله يتوفر بهذه اللغة، ما يُعد بالنسبة له خطوة مهمة نحو التفاعل المباشر مع جمهور عربي أوسع. وأكد أن كتابه لا يقتصر على عرض الوقائع التاريخية، بل يُحلّل الإرث السياسي والفكري لشارل ديغول وتأثيره المستمر في الحياة السياسية الفرنسية والعالمية.

وسلط جاكسون خلال المحاضرة الضوء على الرمزية المستمرة لاسم ديغول في الذاكرة السياسية الفرنسية، مشيرًا إلى أن الرئيس إيمانويل ماكرون، عند توليه منصبه، ظهر في صورة شهيرة بجانب كتاب "ذكريات شارل ديغول"، فيما طالبت صحف بريطانية مثل الجارديان بـ"ديغول جديد"، وأبدى سياسيون أمريكيون إعجابهم بشخصيته رغم توجهاتهم المناهضة لأوروبا.

 

وأشار جاكسون إلى أن ديغول نفسه لم يتوقع هذا الامتداد الرمزي، بل قال في عام 1967:"حين أموت، كل شيء سينسى"، وهو ما ثبت عكسه تمامًا. وأوضح أن من أبرز إنجازات ديغول تأسيس الجمهورية الخامسة، التي لا تزال فرنسا تستند إلى دستورها حتى اليوم، معتبرًا إياه زعيمًا نادرًا جمع بين السياسة والعسكرية والفكر في آن واحد.

وأضاء جاكسون على جانبين فريدين في شخصية ديغول: حدسه الغريزي المتماهي مع التأمل والتفكير، والذي تجلى في مقولته الشهيرة عام  1940 :" خسرنا المعركة لكننا لم نخسر الحرب". كما أشار إلى موقفه التاريخي من استقلال الجزائر عام 1958، في تحدٍّ للتيارات اليمينية المتشددة آنذاك، مبرهنًا على قدرته الفائقة على التكيف مع التحولات الكبرى في العالم.

كما فنّد الكاتب الفكرة الشائعة عن ديغول بأنه زعيم متسلّط، مؤكّدًا عبر الوثائق والشهادات أنه كان مستمعًا حقيقيًا ومنفتحًا على النصيحة، وهو ما يفاجئ الكثيرين ممن قرأوا عنه من منظور واحد.

واختتم جاكسون المحاضرة بالإشارة إلى أن هذا العمل يفتح نافذة جديدة على شخصية ديغول من زوايا متعددة، ويروي فصولًا غير مألوفة من تاريخه، ليقدم صورة متكاملة عن رجل دولة لم يكن مجرد بطل مرحلة، بل مرجعية مستمرة في السياسة والفكر والقيادة.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة