إسماعيل بن شهاب البلوشي
ليست الكلمات وحدها التي تُعبِّر عن الامتنان، وليست الأحرف هي التي تصوغ المقام الرفيع، وليس محرك قلمي المواقف التي تُولد في لحظات، وإني وعندما أرى الفخر بالرموز، فإني أقرأه على مسار الحضارات اقتسامًا للفخر والمجد والعزة بين الشعوب المتحضرة ورموزها، وإن التاريخ وحده يشهد، ويُعيد رواية المجد، حين تُشرق شخصية استثنائية في وجدان الوطن، وتُصبح المرأة عنوانًا للنور، وامتدادًا للحكمة، ورفيقةً في مسيرة النهضة.
"السيدة الجليلة" ليست مجرد لقب يُطلق على من حظيت بمكانة إلى جوار القائد؛ بل هي رمزٌ للرصانة، وللثقة، وللأثر المُمتد في تفاصيل الحياة اليومية، وهي الوجه النبيل الذي تمشي خلفه الكلمات بكل إجلال، وتنعكس منه صورة المرأة العُمانية التي كانت منذ فجر التاريخ صانعةً للحضارة، لا مُتفرجة عليها.
عُمان، تلك الأرض التي احترفت الكرامة، وعاشت على نهج العدل، لم تكن يومًا بعيدةً عن تمكين المرأة، بل سبقت زمنها في منحها المكانة التي تستحق. من السيدة موزة بنت أحمد بن سعيد البوسعيدية، إلى السيدة الجليلة عهد بنت عبدالله البوسعيدية حرم جلالة السُّلطان المعظم- حفظها الله ورعاها- في يومنا هذا، سارت المرأة في درب المجد بثباتٍ وبصيرة، دون ضجيجٍ أو مطالبات، فقط بالإيمان الراسخ بأنها قادرة، مؤثرة، ومشعة كالنور.
وما السيدة الجليلة- حفظها الله ورعاه- إلا امتداد لهذا الإرث المجيد؛ فحضورها البهيّ، وسمتها الوقور، لا يحتاج إلى كثير من التعريف؛ فهي التي لامس أثرها قلوب العُمانيين، دون أن تنطق كثيرًا، لأنها تحدثت بلغة الرقي، وعبّرت عن حبها لهذا الوطن بصمتٍ مهيب، وفعلٍ راقٍ، وابتسامةٍ تسكن الذاكرة.
لقد رسمت السيدة الجليلة صورةً حديثة للمرأة العُمانية، تلك التي تحمل في قلبها حب الأرض، وفي ملامحها وفاءً للشعب، وفي سكونها عمقًا يُفهم بلا كلمات؛ هي النور الذي أضاء البيت العُماني الأول، وامتد ليشعل قناديل المحبة والفخر في كل بيت عُماني.
نراها حاضرة في تفاصيل الحياة، في المناسبات، في المبادرات، في دعمها لقضايا المرأة والأسرة والتعليم، في رعايتها للفنون والثقافة، وفي تلك النظرة التي تُشعر كل عُمانية أن لها ظلاً تستظل به، وأن لها قدوة تسير على خطاها، بثقة واعتزاز.
إنَّ الحديث عن السيدة الجليلة، هو حديث عن شخصية مُلهِمة تُمثِّل القيم الأصيلة لعُمان: الحياء في موضعه، والقوة في موضعها، والوفاء في كل موضع؛ هي النعمة التي مَنَّ الله بها على هذه الأرض الطيبة، لتُكمل الصورة البهية لنهضة مُتجددة يقودها بحكمة واقتدار حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظم- حفظه الله ورعاه.
وفي قلوب العُمانيين، ستبقى السيدة الجليلة نور عُمان، سيدةً أولى ليس فقط بالمكانة؛ بل بالفعل، بالحضور، وبما زرعته من محبةٍ وإجلالٍ في نفوس هذا الشعب الوفي، وإني اليوم أُبارك لكل عُمانية؛ ذلك التكريم بأوسمة الشرف من ملك هولندا إلى السيدة الجليلة، ولست أراه إلّا وسامًا لكل عُمانية؛ فبارك الله في أمهات عُمان جميعًا.