بيت اللبان (3)

 

 

 

 

أنور الخنجري

alkhanjarianwar@gmail.com

 

 

بيت خليل للضيافة

بعد وفاة الحاج عبدالفتاح بن محمد المعيني بادر ورثته في عام 1969 إلى بيع البيت إلى التاجر ورجل الأعمال المعروف إبراهيم بن عبدالله بن عمر لشكو، والذي كان قبل ذلك يعمل في دولة قطر ومقيمًا فيها لسنوات، إلّا أن حدسه كان عاليًا وتوقع ما لم يتوقعه الآخرون بحدوث تغيير ما في سلطنة عُمان، وهكذا قرر العودة إلى السلطنة في عام 1968، واستثمار ما وفره من مال لبدء مشاريع تجارية في مسقط رأسه، وكان من بينها شراء هذا البيت العريق من ورثة الحاج عبدالفتاح.

عَمِلَ إبراهيم لشكو على إجراء التغييرات والتصليحات اللازمة لتحويل البيت إلى بيت ضيافة (فندق) أطلق عليه اسم ابنه البكر، خليل، وأصبح البيت بعد ذلك يعرف باسم "بيت خليل للضيافة". كان القرار والتوقيت مناسبين جدًا لتحويل البيت إلى فندق، نظرًا لافتقار المدينة لأية منشآت إيوائية تجارية في تلك الفترة. وبعد تغيُّر الأوضاع في السلطنة في بداية السبعينيات من القرن الماضي لعب هذا البيت دورًا ملموسًا في استضافة العديد من الشخصيات المُهمة من داخل البلد وخارجها؛ حيث كانت الوفود المختلفة تتوافد على مسقط مُهنئة بالتغيير الذي حصل بقيادة المغفور له السلطان قابوس بن سعيد تغمده الله بواسع رحمته، كما استغل "بيت خليل للضيافة" هذا كسكن مؤقت للعديد من الشيوخ وكبار موظفي الدولة والعمانيين العائدين من الخارج لحين استقرارهم في مساكن خاصة بهم هيأتها لهم الحكومة في السنوات التالية.

بيت (!)

خلال فترة منتصف الثمانينيات، انتقلت ملكية البيت إلى أحد الأعيان المعروفين بالتجارة وأصبح البيت من ضمن أملاكه الخاصة لفترة طويلة نوعاً ما لكنه لم يُحرك فيه ساكنا ولم يبادر في استغلاله بما يُفيد سمعته ومكانته الأثرية التي كانت نارا على علم وبقي البيت مهجوراً دون حراك لفترة من الزمن حتى بدأت جدرانه تنخرها عوامل التعرية وظهرت تشققاتها بادية للعيان كما إن أجزاء من سقف البيت قد انهارت بالفعل الأمر الذي كاد أن يؤدي إلى انهيار البيت بالكامل ويكون أثرًا بعد عين.

بيت اللبان

هكذا أصبح اسمه اليوم بعد سنوات من الصيانة والترميم وجهود ملموسة ومقدرة لمالكه الحالي، الذي أبى أن يبقى هذا الإرث التاريخي الخالد مُهملًا تنخر أساساته الملوحة وعوامل التعرية والتخريب، وكان قاب قوسين أو أدنى من الانهيار الكامل لولا لطف الله سبحانه وتعالى ويقظة مالكه الحالي ومبادراته الخيرة لشرائه وترميمه وإخراجه كمعلم تراثي سياحي يشار له بالبنان، فبيت اللبان اليوم صرح ذو قيمة عالية، ومعلم حضاري بارز في مدينة مطرح العريقة، استغلت بعض أقسامه في صورة مطعم تراثي فريد ومميز بتنوع أطباقه من المأكولات العمانية المطرحية التي تعكس فسيفساء المجتمع المطرحي وتنوع ديموغرافية المكان وإرثه الحضاري والثقافي.

ويحتوي بيت اللبان أيضًا على صالة لعرض وبيع لوحات الفنون التشكيلية ومختلف المنحوتات والأعمال الفنية لأبناء الولاية وآخرين من الذين تستهويهم هذه الهواية أو المهنة الحضارية الراقية، وفي الجزء السفلي من المبنى يشغله فرع لأحد البنوك الإسلامية العمانية المرموقة. إجمالا أصبح بيت اللبان بتسميته الحالية معلماً بارزاً على خارطة السياحة العمانية.

كلمة أخيرة.. نأمل من أصحاب البيوت التراثية أخذ العبرة من بيت اللبان هذا والمبادرة بإحياء بيوتهم الثمينة والاحتفاظ بها كمعالم راسخة في وجدان الأجيال تبرز بكل فخر الماضي العريق للمدينة قبل أن تصبح نيسًا منسيًا.

تعليق عبر الفيس بوك