المرض أقوى منك

 

 

خليفة بن عبيد المشايخي

khalifaalmashayiki@gmail.com

 

 

يستفيق الإنسان يوميًا على العديد من النعم والخيرات ويغمض عينيه على ذلك، ويكبر والبعض سائر في ذلك، وآخرون يتقدم بهم العمر وهم حاصلون عليها، عائشون بسببها في بحبوحة وخير وفضل منه تعالى، ومن هذه النعم المهمة هي نعمة الصحة والعافية، ومع ذلك فإنَّ تلك الفئة المنعمة لم يسلم الناس من شرهم، ولم يستفيدوا بخيرهم، وحتى الإنسان المؤمن يرعوي عن الشر ويكون مفتاحًا للخير مغلاقا له أي الشر.

وعليه أن يزور المستشفيات ليعلم قيمة النعم التي هو بها، وليقف على الخدمات التي تقدمها وزارة الصحة والمؤسسات الصحية الأخرى كمستشفى القوات المسلحة ومستشفى الشرطة للمرضى، وحجم الاهتمام والرعاية والتعامل الطيب الذي يجده المريض من كادر التمريض رجالا ونساءً، ومن الأطباء المعالجين.

لقد قُدِّر لي في الأيام القليلة الماضية أن أرقد في مستشفى القوات المسلحة، بسبب وعكة صحية مررت بها، وأزمة قلبية تعرضت لها، بسبب عوامل عديدة لم أسلم منها كوني إنسانا حالي حال أي بشر، لست معصوما من البلاء والابتلاء. وإن كان المرض في ظاهره ابتلاء وضيفا ثقيلا على الإنسان، لكنه يعلمنا الكثير ويفهمنا الكثير، ويقودنا إلى الرشد ويبعدنا عن الضلالة والقسوة والكبر والبطر والعنجهية والغطرسة، متى ما كان ذاك الإنسان ذا ضمير حي وعقل واعٍ متنور بنور الله، مغمور بالهداية والاستقامة والصلاح والتواضع وحب الخير وحب فعله والعمل به. نعم تم ترقيدي لأيام في أحد الأجنحة بالمستشفى المذكور.

وحقيقة الذي سمعته من أنين وصياح وصراخ عدد من المرضى، أمر مخيف ومتعب للغاية، خاصة مع عجز الأطباء عن فعل أي شيء لأولئك المرضى، بسبب عدم قدرتهم الجسدية لتحمل التخدير أو الأدوية المهدئة للآلام والأوجاع إلى حد إعطائهم جرعات كبيرة، أو لأسباب أخرى مختلفة، فإذا كان الحال كذلك في أقسام الرجال، فكيف الأحوال في أقسام النساء والأطفال.

وأنا ممدد على السرير، ساقتني الأفكار وقتها إلى إخواننا المرضى والمصابين في فلسطين والسودان واليمن والعراق وسوريا وغيرها من الدول. وقلت في نفسي إذا كان هؤلاء المرضى في السلطنة بلد أمن وأمان واستقرار، وفي هذا المستشفى بحجم مستشفى القوات المسلحة، وبعض المرضى يصرخ من الألم والأوجاع، ولم يستطع الأطباء فعل شيء تجاههم مع توفر الأجهزة والعلاج والأدوية والأمور طيبة، فكيف بإخواننا المرضى والمصابين في تلك الأماكن والدول التي ذكرتها.

علينا أن نقول الحمدلله على كل حال دائما وأبدا؛ ففي المستشفى المرقد لا يستطيع أن ينام لساعتين متواصلتين دون إزعاج من مريض آخر يئن من الألم والأوجاع. والمُرقَّد في المستشفى لا يستطيع أن يغمض عينيه لساعة، إلا ويجد طبيبًا أو ممرضًا آتٍ له يريد أن يحقنه بإبرة السيولة المتعلقة بالدم، أو بإبرة أخرى لحقنه بالأنسولين، أو بإبرة أخرى تغرس في جسدة وأحيانا في أماكن مختلفة منه لتعذر وجود عرق لأخذ دم لفحص إنزيمات القلب، أو لعمل فحوصات دم أخرى.

المُرقَّد في المستشفى يستجدي النوم لينام بهدوء وراحة بعض الوقت، ولكن هيهات هيهات ما أن يأتيه، إلا هناك من هو فوق رأسه طالبا منه أن يصحى لأن الطبيب الفلاني يريد أن يتحدث معه، وهم والحمدلله كثر. فطبيب القلب وطبيب الكلى وطبيب الكبد والأعصاب والأشعة والباطنية والقائمة تطول، كل أؤلئك يعملون لخدمة المريض ولعلاجه.

من خلال هذا المقال أقول شكرًا لوزارة الصحة ومستشفياتها، وشكرًا مستشفى القوات المسلحة وشكرًا مستشفى الشرطة. لكن أود الإشارة إلى ملاحظة بسيطة وهي أن المراكز الصحية في الولايات خدماتها محدودة، وتكتفي أحيانًا بإعطاء المريض لأيام عديدة بعض الحبوب المُسكِّنة، ويتفاجأ بعد استخدامها لفترة طويلة أن لديه التهاب في عضلة القلب أو في أماكن أخرى من جسده، وليس لتلك الأدوية والحبوب أية علاقة بما كان يُعانيه. لذلك فإن تزويد هذه المراكز الصحية بالأجهزة الطبية والكوادر الطبية بات أمرًا ضروريًا، يمليه حجم السكان وتزايد أعداد المرضى.

تعليق عبر الفيس بوك