د. أحمد بن علي العمري
قالوا العدالة العالمية ولم نرَ لها أثرًا.. قالوا المساواة العالمية ولم نرَ لها مكانا.. قالوا حقوق الإنسان ولم نجدها واقعًا فعليًا وملموسًا، إذن فالأمر برمته نفاق في نفاق وسياسة مبطنة بالمصالح والمكاسب وحتى الأهواء والأمزجة.
تخيلوا معي أعزائي القراء الكرام لو كان ما يحدث للفلسطينيين في غزة والضفة الغربية من فضائع وقتل الأبرياء وحتى النساء والأطفال والإبادة الجماعية التي يتعدى ضحاياها كل يوم العشرات وتكرار المجازر اليومية وتدمير المدارس والمستشفيات (حتى لا يجد من ينجو منهم من القتل مكانًا للعلاج) ولا حتى المصحات وتدمير المساجد والمدارس والجامعات والكليات وتهديم البنية التحتية كاملة وتخريب ودمار مقصود وممنهج وحتى القبور لم تسلم منهم فقد نبشوها على الميتين حدث للإسرائيليين وهم الذين جمعوا من شتات الأرض إلى فلسطين… ماذا كان سيحدث… سوف تنقلب الدنيا رأسًا على عقب وسوف تتحرك الدنيا بكاملها من أمريكا إلى الصين مرورا بكل القارة الأوروبية العجوز ومن روسيا إلى كندا وأستراليا ونيوزلندا وحتى البرازيل والأرجنتين وكل دول أمريكا اللاتينية؛ بل والعالم أجمع تشاركهم دول عربية وإسلامية منددين ومساهمين ودافعين لوقف الظلم والافتراء والقتل والإبادة.
هذا لو حدث على شعب سكن غير أرضه التي لم ينشأ فيها واستباح ما لم يملكه فقد أعطيت فلسطين من قبل من لا يملك إلى من لا يستحق "وعد بلفور" المشؤوم، لكنه حدث لشعب معزول ومقهور ومحاصر منذ 17 عاماً وهو في معاناة واضطهاد وحروب وتفرقة عنصرية، والكل ضده والكل يعتبره المعتدي؛ بل هناك من يجرمه وحتى يوصفه بالإرهاب!!
أين هي العدالة وأين الإنصاف؟ بل أين حقوق الإنسان التي طالما تغنوا بها ومجدوها؟
إنها فعلًا سياسة تكيل بمكيالين دون عدل أو إنصاف أو حقوق الإنسان.
لقد لاحظنا التصفيق الحار الذي حظي به نتنياهو في الكونجرس الأمريكي وكشف النوايا وأوضح المخفي من النفاق العالمي، ولم نكن نعلم بما دار في الغرف المغلقة وأنه أخذ الموافقة والمباركة على التصعيد، لأنه بدون التصعيد سوف يحترق هو وبن غفير وسموريتش ومن على شاكلتهم، ولا يهم هؤلاء الوحوش أسراهم المحتجزين ولا من الدماء البرية التي تراق كل يوم
فإذا بنتياهو يرجع من الولايات المتحدة الأمريكية بكل عنجهية وتصلب وتشدد ويوجه باغتيال القائد فواد شكر في بيروت وبعدها بساعات اغتيال القائد المجاهد حسن الخُلق طيب السريرة الذي يكاد يجتمع عليه كل الفلسطينيين لرقي أخلاقه وسمو إنسانيته أبي العبد إسماعيل هنية، وهو الذي فقد في أبريل الماضي ثلاثة من أولاده والعديد من أحفاده وتم تدمير منزله في مخيّم الشاطئ الذي ولد فيه وعاش فيه طوال حياته وفي طهران تحديدًا عبر عملائهم الخسيسين حتى يزيد المنطقة اشتعالًا والاحتباس ضراوة… ولكن هؤلاء القادة نحن وهم وجميع الأحرار في العالم يعرفون أنهم يعيشون ليموتوا، ويموتون ليعيشوا، فأسماؤهم لن تُنسى وتاريخهم لن يُمحى، فقد نسي التاريخ من أعدموا عمر المختار ولكنه بقي خالدًا في التاريخ وذكرى الزمن.