راشد بن حميد الراشدي
كل يوم تنكشف لنا حقائق وأفعال ومبادئ وقيم وأخلاق تسير عليها الأمم وتصمت عن أفعالها، فتلك الأفعال لا يفعلها بشر خلقوا كسائر البشر، فقد كشف العدوان على غزة أنَّ منفذي السياسات العالمية لا يُردعهم دين ولا خُلق ولا إنسانية؛ بل يحتكمون إلى شريعة الغاب التي حكم بها أسلافهم من قبل، فأفرزت الويلات والحروب وقتلت الملايين في إبادات جماعية شهد عليها العالم وكتبها التاريخ في صحائفه السوداء.
الحروب ليست ببعيدة عنَّا ابتداءً من الحربين العالميتين الأولى والثانية، وامتدادًا إلى الحروب التي أُشعلت في بلادنا العربية، والحروب الأخرى في مختلف بقاع الأرض التي قضت على الأخضر واليابس من أجل إرضاء أطماع حفنة من البشر تعيث في الأرض فسادًا وتقتيلًا.
السياسة بلا دين هي ديدن العالم اليوم في ظل الصمت والسكوت والمساندة للظالم على حساب المظلوم، فلا ضمير إنسانيًا يستصرخ بالحق في وجه طغيان الظالم، رغم بشاعة وقذارة عمله، وبينما تخلى الكبير والصغير عن قول كلمة الحق لمناظر تقشعر منها الأبدان، وتتأفف منها سائر الفِطر من بشر وحيوان ونبات، فما ذنب الأطفال والأمهات والشيوخ العزل أن يحرقوا في مخيمات آوت أجسادًا بلا طعام ولا كساء ولا ماء، وأن تُقطَّع تلك الأجساد إربًا بيد جزار لا يرقب إلًّا ولا ذمّة؟ وما ذنب أمة تُباد في سبيل حريتها؟ هل هناك عرق يجب أن يعيش على حساب أمم أخرى؟ فكلنا أبناء آدم وليس لأحد فضل على أحد.
السياسة بلا دين ولا أعراف فقد سقطت كل الأقنعة المزيفة وتكشف كل أصحابها وروائحهم النتنة تُزكِّم أنوف العالم وقد لُطخت أياديهم بدماء الشعوب.
اليوم نؤكد أنَّ السياسة بلا دين ولا خُلق ولا مبادئ؛ بل هي مكر وخديعة وظلم، لكن الأيام دول، والله خالق كل شيء ومدبر كل أمر، وله الأمر كله، وسيعود الحق لأصحابه قريبًا بوعد الله؛ فالحياة مصيرها إلى الله، ولن يُخلف الله وعده، وعسى أن يكون قريبًا، وسيجني الظالم ويلات ما أقترفته يداه، وسيشرب كل مكابر وصامت عن نصرة العدالة وقول الحق في وجه الظالم، من الكأس الذي تجرّعه أخوه، فليس ذلك بعزيز على الله.
اللهم انصر الإسلام والمسلمين، وارزق النصر والتمكين لإخواننا المرابطين في فلسطين، ودمِّر أعداءهم يا أرحم الراحمين، وأرنا يومًا في كل عدوٍ غاشم ساند صهاينة العالم واقضِ عليهم يا رب العالمين.