راشد بن حميد الراشدي **
ربما لن يبوح التاريخ بأسوأ من مثل هذه الأيام؛ إذ فقد الكثيرون أخلاقهم وسلوكهم وفطرتهم السوية ليموجوا في بحر الظلمات والضلالات والفتن التي عصفت بالعالم أجمع وينحط الإنسان إلى أسوأ الدرجات في بشريته ليصبح كالأنعام؛ بل هم أضل وينعكس الأمر على محبته لشهواته وملذاته حتى تلتهمه الضباع.
الأمة في كثير من أفرادها لم يعودوا يفقهون إلا القليل في دينهم وعروبتهم وأخلاقهم وتاريخهم، يعيشون على هامش التاريخ منقادين إلى حتفهم لمحتوم، وقد مزقتهم حبائل الشيطان وجنده؛ فاستسلموا لعدو ماكر جائر بغي في الأرض فسادًا، ومارس القتل دون تفرقة بين رجل وامرأة ولا بين شاب وكهل ولا بين طفل أو ضعيف وهذا طبع الظالمين الماكرين لعنهم الله.
اليوم يطبق الصمت على العالم بأسره، الأخ القريب قبل البعيد وهم يشاهدون ظلم عدو فاجر وطغيانه على ضعفاء لا حول لهم ولا قوة إلا بالله، وهو يدكهم بأفظع وأقوى ما اخترعه الإنسان من آلات الحروب المقيتة.
غزة اليوم بين صمت عالمي وعربي وإسلامي تُركت لينهش اليهود جسد أبنائها الشرفاء، وها هم اليهود والمتصهينون من بني جلدتهم يسرحون دون حساب ولا عقاب لذلك العدو ولمناصريه ومؤزريه من الأنظمة الحاقدة.
ومع ما نشاهده اليوم من خذلان عالمي، نجد- ولله الحمد- إشراقة أمل وشرارة نصر قادم لا محالة من وسط هذا الركام ومن وسط هذه الليالي حالكة الظلام لفئة مؤمنة اختصها الله بنصره وتأييده، لأنها آمنت بالله وبرسوله الكريم وثبتت على إيمانها ليتحقق النصر من خلالها قريبًا بإذن الله.
بوارق الأمل تلوح ولله الحمد في أفق الحرب التي يقودها فئة من البشر ملعونين من فوق سبع سنوات وأن الله على سحقهم لقادر، وأن الله مع المتقين؛ فبوارق الفوز والنصر حملتها بشارات كثيرة وأبرزها صمود غزة لأربعة أشهر وخذلان العدو وخسائره المتتالية وتفككه وفضحه وسط العالم لجرائمه المتكررة، وإبادته لشعب مدني أعزل وظهور رجال يقاتلونه في البحر والجو والبر حتى تمُكنوا منه حيث يعاني اليوم الأمرين الهزيمة والفشل وعدم تحقيق أهدافه المجنونة.
اليوم تنعقد المؤتمرات والمباحثات والاجتماعات للخروج من هذا المأزق وإيجاد حلول تحفظ ماء الوجه، لكن لا مجال إلّا بالرضوخ لشروط الأبطال العظماء المرابطين على الثغور، وهو ذل وخذلان لليهود ومن شايعهم سيذوقون ويتجرعون مرارته ولو بعد حين.
أكثر من 27 ألف شهيد زفتهم الملائكة في يوم عيد لهم ارتقوا إلى الجنة بإذن الله، ولا صرخة في وجه بني صهيون أطلقتها أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وكأنهم قد قيدتهم يد العدو وأطبقت على أفواههم.
ستعود غزة وستعود فلسطين وسيعود الأقصى وستعود القدس بإذن الله، وستنتصر أمة الإسلام والجهاد في وجه كل عدو غاشم، ولكن ما يحيرني ذلك الصمت المطبق على العالم بأسره وعلى الأمة العربية والإسلامية، فإلى أين ستمضي بهم الحياة؟!
اللهم انصر الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم انصر عبادك المؤمنين المجاهدين في سبيلك المجاهدين لإعلاء دينك برحمتك يا أرحم الراحمين.
** عضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين العمانية