حيدر بن عبدالرضا اللواتي
تبذل سلطنة عُمان جهودًا مضنية لتنويع مصادر الدخل القومي، مع العمل على تعزيز إنتاج مصادر الطاقة من القطاعين النفط والغاز اللذين يساهمان بصورة كبيرة في تعزيز الموارد المالية السنوية والبنية التحتية للبلاد.
دورية "الطاقة" الصادرة باللغة العربية، أكدت في عددها الأخير أن سلطنة عُمان تواصل خطّتها في تنويع مصادر الدخل القومي عامة، مع الاستمرار في تنويع قاعدة عملائها في مجال بيع الغاز الطبيعي المسال، إذ نجحت خلال العام الماضي في توقيع نحو 14 اتفاقية جديدة لبيع وشراء هذا المصدر الهام بالتزامن مع قرب انتهاء عدد من العقود السارية.
ووقعت الحكومة عدة اتفاقيات لبيع الغاز الطبيعي المسال مع شركات أوروبية وصينية نهاية العام الماضي وبداية العام الحالي، منها اتفاقية البنود الملزمة مع شركة تأمين الطاقة لأوروبا (سيفي) التي تقتضي بتوريد ما يصل إلى إجمالي 0.4 مليون طن متري سنويًا من الغاز الطبيعي المسال لألمانيا بدءًا من عام 2026. وتمثّل هذه الاتفاقية المحورية أول صفقة غاز طبيعي مسال مع شركة ألمانية، وتساهم في رفد جهود الشركة المستمرة نحو إيجاد أسواق جديدة حول العالم لاسيما في نطاق السوق الأوروبي. أما الاتفاقية الأخرى فكانت مع شركة يونيبك الصينية لتوريد الغاز الطبيعي المسال بما يصل إلى إجمالي 1 مليون طن متري سنويًا من الغاز الطبيعي المسال بدءًا من عام 2025.
وتهدف هذه الاتفاقيات إلى تعزيز الشراكة الاستراتيجية للشركة العُمانية للغاز الطبيعي المسال مع مختلف الشركات العاملة بمجال الطاقة حول العالم. ومن المتوقع أن تؤدي هذه الاتفاقيات الثنائية للشركة العُمانية مع الشركات العالمية دورًا مُهمًا في تعزيز السمعة التجارية لها في السوق الطاقة العالمي، وقدرتها في إنتاج مصدر نظيف للطاقة وتسويقه وتوصيله بطريقة آمنة وموثوق بها لكافة عملائها في أنحاء العالم. كما تشكّل هذه الخطوات دفعة مهمة في دعم الاقتصاد الوطني وتنمية الشراكات الاستراتيجية مع كبريات الشركات العالمية العاملة في مجال اسيتراد الغاز المسال.
إيرادات الغاز الطبيعي المسال تمثّل اليوم أحد مصادر الدخل الوطني للحكومة بعد النفط؛ الأمر الذي يدفع الشركة المعنية بتمويل عدد من المشاريع التنموية الخاصة بها بجانب تعزيز أعمالها في مجالات الرعاية الصحية والتعليم، وخلق فرص عمل عبر تمويل برامج التدريب ودعم مبادرات ومشاريع المرأة وحماية البيئة والسلامة المرورية ضمن مبدأ المسؤولية الاجتماعية. فمنذ أن تم إنشائها عام 1994، تعمل الشركة العُمانية للغاز الطبيعي في عمليات إسالة وبيع الغاز الطبيعي ومشتقاته فضلا عن تخزينه وتسويقه عالميًا من خلال مصنعها الكائن مدينة قلهات بولاية صور، فيما تزيد طاقات إنتاجها السنوية عن 11.5 مليون طن متري سنويًا.
وفي سبتمبر من عام 2013م، دخلت صناعة الغاز في السلطنة حقبة جديدة مع اندماج الشركة العُمانية للغاز الطبيعي المسال وقلهات للغاز الطبيعي المسال ليصبحا كيانًا متكاملًا تحت اسم الشركة العُمانية للغاز الطبيعي المسال. واليوم فان إجمالي عدد الوجهات التي تصل إليها الصادرات العُمانية من الغاز المسال في العالم تبلغ نحو 13 وجهة وفق بيانات عام 2023، في مقدمتها كوريا الجنوبية واليابان، وكرواتيا وإسبانيا بجانب بعض الدول العربية منها الكويت والأردن.
عدة دول عربية دخلت في مجال إنتاج الغاز المسال خلال السنوات الماضية من بينها قطر وسلطنة عُمان والإمارات بجانب الجزائر ومصر؛ الأمر الذي يساعد العديد من دول العالم في آسيا وأوروبا في الحصول على احتياجاتها من الغاز، خاصة مع تفجّر الأزمة السياسية والعسكرية بين روسيا وأوكرانيا، بجانب التوقّف المؤقت للولايات المتحدة عن تلبية بعض طلبات الدول في تصدير الغاز لها بسبب التوقف المؤقت للتراخيص الجديدة للمشروعات الأمريكية، الأمر الذي يمكن أن يسبب مخاوف عديدة بشأن أمن الطاقة في العالم، حيث ترتبط هذه القضايا بالآثار المحتملة لتغير المناخ والاقتصاد العالمي.
وهذا ما يدفع الشركات العالمية بالبحث عن أسواق جديدة وإبرام تعاقدات طويلة معها لتأمين احتياجاتها من مصادر الطاقة. كما إن هذا الأمر دفع عدة دول في آسيا مؤخرًا بالتوجه نحو قطر وعُمان والإمارات وكندا والجزائر للحصول على احتياجاتها من الغاز، في الوقت الذي تسعى فيه الدول الأوروبية إلى استبدال طلباتها للغاز الروسي.