الأطماع الصهيونية التوسعية

 

حمد الحضرمي **

 

تؤكد الحقائق التاريخية ضلوع حكومة الانتداب البريطاني بفلسطين في تسهيل الهجرة اليهودية من دول العالم إلى الأرض المقدسة بفلسطين، لكي يصبحوا أكثرية، ويكون بمقدورهم القيام بأعمال إرهابية ضد الشعب العربي الفلسطيني، صاحب الأرض الأصيل الشرعي الذي عاش عليها الآباء والأجداد منذ آلاف السنين، وعندما توافد اليهود على الأراضي الفلسطينية شنت عصاباتهم الإرهابية هجمات على القرى والمدن الفلسطينية لنشر الرعب والخوف بين السكان وإجبارهم على الهجرة منها بالقوة، ليحل مكانهم اليهود المهاجرون من مختلف أنحاء العالم.

 

حرمت الحكومة البريطانية عرب فلسطين من التمتع بحقوقهم السياسية والمدنية، ولم تقم في البلاد حكمًا ديمقراطيًا صحيحًا، ولم تشرك العرب في إدارة البلاد وتصريف شؤون الحكم، في حين أسندت الوظائف الرئيسية والحيوية لموظفين من البريطانيين واليهود، وبهذه الوسائل استطاعت الحكومة البريطانية أن تمكن اليهود في فلسطين وترسخ أقدامهم في إدارتها وحكمها، وتصبغ الأنظمة والقوانين بالصبغة الاستعمارية واليهودية الخالصة، وفتحت الحكومة البريطانية أبواب فلسطين لهجرة اليهود إليها بكل الوسائل والأساليب، فارتفعت نسبة اليهود في أرض فلسطين من 7% في سنة 1918م إلى نحو 33% في عام 1947م.

 

شعر الاستعمار وأنصاره في عام 1946م بأن الفرصة باتت سانحة لتحقيق المؤامرة ضد فلسطين وأهلها فقام المستعمرون بمناورات سياسية ومراوغات دبلوماسية لتضليل الرأي العام العالمي ومخادعة العرب فأوفدوا لجنة إنجليزية أمريكية مختلطة إلى فلسطين في ربيع عام 1946م بحجة دراسة قضيتها، فأوصت تلك اللجنة بفتح أبواب فلسطين للهجرة اليهودية دون قيد أو شرط وبإدخال مائة ألف يهودي دفعة واحدة. وبناء على طلب بريطانيا عقدت الجمعية العمومية للأمم المتحدة دورة استثنائية في مايو 1947م وقررت إيفاد لجنة مؤلفة من مندوبي إحدى عشرة دولة إلى فلسطين للتحقيق في قضيتها وكيفية حلها، فأوصى ثمانية من أعضاء اللجنة بتقسيم فلسطين وإنشاء دولة يهودية فيها وأخرى عربية، وتدويل منطقة القدس.

 

انسحب الإنجليز من فلسطين في 15/ 5 / 1948م بعد أن مكنوا اليهود من احتلال معظم مدن فلسطين ومساحات شاسعة من أراضيها التي زادت كثيرًا عن الأراضي المخصصة لليهود وفق قرار التقسيم، وأعلن اليهود قيام دولتهم فأسرعت الولايات المتحدة إلى الاعتراف بها فور إعلانها ثم تبعتها دول أخرى. ونظرا للأطماع الصهيونية التوسعية في حرب يونيو 1967م احتل العدو الصهيوني باقي الأراضي الفلسطينية وأجزاء من سوريا ومصر، ولا تزال المرتفعات السورية تحت الاحتلال، مما يؤكد على أن التوسع هو صفة متأصلة ودائمة للصهيونية فقد رافق احتلال المناطق الجديدة أبعاد الآلاف من الفلسطينيين الذين اضطروا للفرار خارج حدود فلسطين.

 

إن الأطماع الصهيونية التوسعية في فلسطين والدول العربية ليس لها حدود، وأن مخططات اليهود المستقبلية جاهزة للتنفيذ، حسب ما مرسوم لها بموجب خطة استراتيجية محددة بمراحل، ومسألة التنفيذ مسألة وقت للفرصة المناسبة، وسيظل اليهود الصهاينة يقدمون الذرائع والمبررات والسيناريوهات، لتبرير أعمال العدوان والتوسع، وحربهم لغزة الدائرة الآن ما هي إلا لتنفيذ مخططاتهم التوسعية، وسط مجتمع دولي مشترك في المؤامرة ومتواطئ مع اليهود، لأنهم مجتمع غربي صليبي حاقد على العرب والمسلمين، منذ تحرير بيت المقدس في 2 / 10 / 1087م على يد البطل صلاح الدين الأيوبي.

 

وسوف يستمر اليهود في تنفيذ مشروعهم وخططهم التوسعية، حتى يحققوا حلمهم بإسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات. وقد حان الوقت أيها العرب والمسلمين إلى توحيد صفوفكم وكلمتكم لمواجهة العدو الصهيوني قبل فوات الأوان، وعلينا بالتفكير في مستقبلنا ومستقبل أوطاننا وشعوبنا قبل أن يتمكن العدو من السيطرة الكاملة علينا من كل الجهات، فنحن أقوياء إن اتحدنا وتعاونا، وعلينا ترك الخلافات الهامشية فيما بيننا ونستعد من الآن لمواجهة العدو الصهيوني بنصرة إخواننا وأهلنا في غزة وفلسطين، ولأننا أصحاب حق، واليهود على باطل، ولأننا أصحاب أمجاد تليدة، قهرنا الشرك والمشركين، وأقمنا دولة التوحيد، فأصبحت رايتنا عالية بكلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله، وإننا على يقين بأنَّ الله سوف يعلي كلمته وينصر دينه، وسيكون النصر والتمكين للعرب والمسلمين قريباً.

** محامٍ ومستشار قانوني