ضعف القيادة والإدارة في "اتحاد الكرة"

 

حمد الحضرمي **

 

عبَّر الآلاف من العُمانيين بكل صراحة ووضوح بأن اتحاد الكرة قيادته وإدارته ضعيفة، من خلال النتائج السلبية والأداء الضعيف للمنتخب الوطني المشاركة في كأس أسيا الحالية بقطر، وللنتائج الضعيفة في كل مشاركات منتخباتنا الوطنية، والقيادة في مثل هذه المؤسسات تحتاج إلى مهارات وخبرات وطاقات لفريق العمل يقوم القائد بمهارته بجمعها وحشدها للعمل بروح واحدة لتحقيق الرؤية المشتركة، وللإدارة دورًا بالغ الأهمية في التحكم بإدارة العمليات لتحقيق أهداف المؤسسة من خلال اتخاذ القرارات الصحيحة وتنظيم المهام والتخطيط للنجاح.

إلّا أننا كرياضين ومتابعين لم نجد أي خطة عمل لاتحاد الكرة، وقد ثبت بما لا يدع مجالا للشك بأن اتحاد الكرة كانت قيادته وإدارته لشؤون الإتحاد واللعبة دون المستوى المطلوب، حيث لم يستطع رئيس الإتحاد قيادة فريق عمله وإدارته بالشكل المطلوب، ولا توجد الثقة المتبادلة بين الرئيس والأعضاء، ولا يوجد مهام عمل محددة لأعضاء الاتحاد، حيث أصبح أغلبهم ليس له دور يذكر، ومن المحزن بأن عضو واحد باتحاد الكرة هو القائم بكل شيء، فتجده هو المتحدث الرسمي للاتحاد، وهو رئيس بعثة المنتخب، وهو من يتحدث عن الأمور الفنية والإدارية والمالية، وهو صاحب القرار، ورئيس الاتحاد وباقي الأعضاء ليس لهم أدوار، إن الأمر في اتحاد الكرة يسير في انحدار شديد، لأن قيادة الاتحاد تخلت عن مسؤولياتها، والإدارة أصبحت ليست ذات قرار، وغير مؤثرة على فريق العمل.

إن لكل اتحاد خطة عمل منشورة لمدة فترة إدارته، إلا أن رئيس اتحاد الكرة منذ سبع سنوات على توليه رئاسة الاتحاد، لا يملك أي خطة عمل ولا تخطيط ولا بعد نظر ولا أسس ولا مبادئ توجيهية للعمل عليها وتنفيذها، فكيف سيحقق اتحاد الكرة أهدافه بدون خطة عمل وتخطيط مدروس؟ وكيف سيحدث التغيير والتطوير وتحقيق النتائج المشرفة واتحاد الكرة بهذه العشوائية؟

إن من مقومات النجاح في القيادة والإدارة هو الإلهام وحب العمل والحماس والشغف، والناظر والمتابع يجد من الوهلة الأولى بأن أغلب أعضاء الاتحاد ليس لديهم رغبة العمل ولا قدرات وإمكانيات تؤهلهم للعمل باتحاد الكرة، وإنما جاءت بهم الانتخابات ليكون أحدهم رئيس والآخرين أعضاء بمجلس إدارة الاتحاد، يقضيها بعضهم في تكوين علاقات شخصية وفي السفر والسياحة، فكيف ستتطور لعبة كرة القدم في بلادنا الحبيبة عُمان وأغلب القائمين عليها لا يحبونها ولم يمارسونها سابقًا، وليس لديهم الرغبة في التطوير والنهوض باللعبة وتحقيق النتائج المرجوة، ولا توجد خطط  عمل قصيرة وطويلة المدى، ولا توجد برامج لتطوير منتخباتنا الوطنية من المراحل السنية ولا برامج لتطوير المدربين والحكام والمراقبين ولا توجد دورات لتأهيل الموظفين العاملين باتحاد الكرة، فلهذه الأسباب نجد اتحاد الكرة لم يحقق النتائج المرجوة منه والتي تنتظرها الجماهير العُمانية المحبة والمتابعة بشكل كبير.

إنَّ ما حققته بعض اتحادات الدول العربية والآسيوية والعالمية من نجاحات وإنجازات لم يأتي من فراغ، وإنما جاء وفق خطط عمل نموذجية، فاليابان مثلًا منذ أكثر من 25 سنة مضت وضعت خطط طويلة الأمد ليكون منتخبها أحد أقوى عشرة منتخبات في العالم، وقد عملت بجد واجتهاد طوال هذه السنوات ووضعت برامج لتطوير قطاعات الناشئين بإنشاء مراكز تدريب، وفق عمل منظم  وتخطيط سليم بالاعتماد على القاعدة، التي بموجبها وعلى أثرها حققت اليابان كأس أسيا عدة مرات وصعدت لكأس العالم في عدة دورات، وهي تسعى وتخطط منذ سنوات لتنظيم بطولة كأس العالم على أراضيها والفوز بالبطولة خلال العشرين سنة القادمة.

وإننا في سلطنة عُمان لدينا إمكانيات وطاقات شبابية كبيرة، لديهم خبرات علمية وعملية وقدرات للقيادة والإدارة، يستطيعون وضع خطط وبرامج لتطوير لعبة كرة القدم والرياضات الأخرى، وقيادة الاتحادات والأندية، ولكن الأمر يتطلب إعادة صياغة التشريعات والأنظمة والقوانين في الاتحادات والأندية خاصة قوانين الانتخابات، على أن تضع اشتراطات لمن تتوفر لديه مؤهلات إدارية وفنية تؤهله للعمل بكفاءة عالية في المؤسسات الرياضية، وأن تتاح الفرصة لأهل المهنة وأصحاب الخبرة العملية والعلمية الذين عايشوا الرياضة ومارسوها كلاعبين وإداريين للعمل في الاتحادات والأندية، ولمن لديه الرغبة والحماس والشغف للعمل الرياضي.

يتطلب الأمر أن يكون رئيس اتحاد الكرة القادم شخصية رياضية مؤثرة، لديه مهارات في القيادة والإدارة، ولديه خطة عمل وبرنامج متكامل لتطوير والنهوض بلعبة كرة القدم وتحقيق النتائج المنشودة، وذلك وفق قائمة متكاملة يختارها بنفسه للعمل معه في الاتحاد لمدة أربع سنوات، على أن يكونوا من أصحاب الخبرات والكفاءات، ومن وجهة نظري هذا الأمر لن يتحقق إلا ذلك كانت هناك إرادة سياسية ودعم حكومي من مؤسسات الدولة العامة والقطاع الخاص، ويتطلب الوضع أن يكون للرياضة مكانة وأولوية في خطط الحكومة، ويكون للرياضة محورُا رئيسيًا مخطط له ومرسوم في رؤية عُمان 2020/ 2040، حتى تحقق الرياضة العُمانية خاصة لعبة كرة قدم إنجازات ونتائج مشرفة تحقق تطلعات الحكومة وأمنيات الجماهير العُمانية المخلصة.

** محامٍ ومستشار قانوني