عائض الأحمد
يظن البعض منا بأن كبار السن لم يعودوا بحاجة لشيء فقد صهرتهم الحياة وأخذت منهم عصارة جهدهم وهم أكثر صفحاً الآن عن المطالبة أو الحديث عما يريدون ظنًا منهم أن الفطن تكفيه الإشارة، ولا تزال تعني لهذا الجيل شيئًا.
لكن هيهات "لقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي"، شبعت وتشبعت وتركتهم خلفي ولم لا وأنا كنت ملء السمع والبصر الآمر الناهي عزيز القوم ورأيهم السديد أين أنا الآن من كل هذا، أصبح حديث نفس وبكاء على الأطلال. فهناك سنن، ليس لك إلا أن تقف عاجزا صامتا أمامها، قد تكون أحد المشاركين في صنعها، ولم يكن يدور في خلدك أنك ستكون أحد ضحاياها وشاربي مُر كأسها، كلما مرت بك الأيام شعرت بقصر الوقت وتتابع الأحداث وكأنك في ميدان سباق لا ترجو منه غير معرفة إلى أين سيصل بك، هل على قدميك واقفاً أم ترجو المساعده "قاعدًا" لا تقوى على الحراك، فحينما يطلب منك أنيس الدار الرفق بحالك والصبر على ألم البعاد أو ألم الظروف فعلم بأنه يؤثر المال ويشفق على لهفتك لرؤيته بالامتناع عن سوء مايراه في خريف عمرك وتساقط أوراقك التي أظلته واحتمى بها كثيرا ولكنه نسي كل هذا ولم يعد بحاجته.
الجنوح بسرمدية الحب وشغف اللقاء الأول جهل، لن تدركه، وإن كان، فستظل بين شك ويقين وكأن قلبك بركان خامد يثور دون سابق إنذار ثم يهدأ لمجرد شعور بأنه إكسير الحياة وما بقي منها.
صورة تشبه صراخ ذاك الطفل الجائع، فتحتال أمه بوضع ما يشبه الصمت في فمه مُتلذذًا بحنوها وليس بالضرورة إحساسًا بالشبع، فهو يفقتد ما هو أهم وأعظم بإشباع ذاته المتلهفة قبل جسده البالي. استفاقة متأخرة خير من غفوة دائمة، وشرود وانكسار تغذية شطحات غضب وكأن السماء لن تسوق بشرى ولن تأتي بخير.
استيفاء الوقت وهدره، قدرة تساوت على خط استواء انفعالاته، فطالح معتقداته الكامنة أصلحها التأمل في ماضيه، ومقاربته لواقع يسوده صمت مطبق لا يخلو من ندم وحديث نفس تغرب شمسها كلما شعرت بدنو الرحيل.
اختر العزلة، فقد تغريك عن شغف الاقتراب، حينما تشعر أن حياتك أرجوحة تتدلى دون أن تعي أي مسار تسلك؛ إذ إنَّ فوضوية العقل الباطن تخذلك في استقراء مشاعر لم تعد لك وحدك في مشاهدات الواقع ومحاكاة سلوك الآخرين بحثًا عن "حرية" طائشة.
ختامًا: ليس حديث نفس أو سوء طالع، إنِّه خيارك مع سبق الإصرار والتعنت.
شيء من ذاته: البداية تشبه النهاية، وما بينهما حديث عشاق لا يُشبه غيره.
سمة: مهما فعلت لن تخرج من جلبابه وسطوته. نداء الروح ليس لك عليه سلطان. النخيل يبدو لك شامخًا في هيبته، وبعضه ينخره السوس دون أن يتهاوى.
نقد: الوقت لم يعد ملكًا لك حينما تطرح رأيك "فاختصر"!