د. خالد بن علي الخوالدي
العاقل عليه أن يتدبر انقضاء الأيام يومًا بعد يوم وعامًا بعد عام، ويتفكر بعمق فيما قدَّمه من أعمال خلال هذه الأيام والأعوام.. البعض يشتغل على نفسه بفكر مستنير وبخطة واضحة لصناعة أثر له في هذه الحياة، والبعض يقضي يومه وينتظر غده بدون رؤية ولا هدف ولا غاية، ويمضي من هذه الحياة دون تسجيل أثر يخلده بعد انقضاء عمره، وينسحب ذلك على مستوى المؤسسات والمجتمعات والأوطان.
والأثر الجميل والإيجابي قد يكون فرديًا وقد يكون جماعيًا ومجتمعيًا ومؤسسيًا ووطنيًا، وأيًا كان لا بُد من صناعة ذلك الإنجاز البشري الرائع، الذي يحفر بأصل ثابت في هذه الأرض، ونحن في عمان نفتخر ونعتز ونرفع رؤوسنا عالياً لتصل مداها أعلى من الجبال الشامخة وتناطح قاماتنا السحاب لما صنعه لنا أهلنا وأجدادنا من مجد وتاريخ وإمبراطورية عالمية دانت لها العوالم في ذلك الوقت، هذا الأثر الأصيل سجل لنا انفرادا وتميزا بين الأمم والشعوب الحاضرة، وهو مدعاة لنا ليكون لنا أثر فاعل نعمله للأجيال القادمة، أثر إيجابي يذكروننا به بعد انتقالنا من هذه الحياة.
هناك في وطننا العزيز من يعمل على صناعة الأثر الجميل؛ حيث نشاهد كل يوم من يصنع بقلبه ويده وجوارحه الأثر الطيب لنفسه ولمجتمعه ووطنه، ويبذل في سبيل ذلك علمه وفكره ووقته وماله وجهده، وهؤلاء بحق من يستحقون أن ترفع لهم العمامة احتراما وتقديرا، هؤلاء هم صناع المستقبل والأمل، هم من يرسمون خارطة الطريق الصحيحة لصناعة الأثر الإيجابي، بهم نرتقي وبعملهم نسمو ونرتقي، وفي الحقيقة هم بشر لا يختلفون عنَّا كثيرا، لكنهم حددوا اتجاه بوصلتهم، وحملوا مسؤولية الحياة، وعرفوا قيمة عقولهم، وكيف يديرونها ويستخدمونها لتكون ذات أثر.
هذا يقودنا إلى أمر في غاية الأهمية، وهو ضرورة التخطيط ورسم ملامح واضحة وتحقيق تطلعات وآمال تخلق لنا بصمة إيجابية وأثرًا طيبًا، مع عدم الركون إلى الأمنيات وحسب، وتمضية الأيام بلا جدوى ولا فائدة؛ بل علينا التفكير مليا لصناعة أثر إيجابي لأنفسنا ولوطننا ومجتمعنا. وإذا كنا ودعنا عام 2023 بخيره وشره، فإننا نستقبل 2024 ونحن على يقين بضرورة تحقيق الأثر الإيجابي.
إن الكلمة الطيبة التي تشفي القلوب لها أثرها الإيجابي وتصنع الفارق، كما إن الإخلاص في العمل له أثر جميل ويخلق الفارق، والتطوع لخدمة أهلك ومجتمعك ووطنك له أثر عظيم، وتفوقك في دراستك وعلمك له أثر إيجابي، والأعمال الإيجابية التي تخلق أثرا لها أبواب كثيرة، إن عمل الخير وصنع الأثر ليس شرطاً أن يكونا من الناحية المادية دائمًا.
لذلك.. أبذل الخير علمًا ونصحًا وخدمة ونفعًا، وسوف تشعر أنك بدأت بإحداث التغيير، وصنع الفارق الذي يميزك عن غيرك، ويحقق لك الرضا الذاتي، ولا تستهن بالأمور الصغيرة فربما هي التي تجعل لك أثرا في حياتك وبعد رحيلك، وأبواب الخير كثيرة.
وأخيرًا.. ابحث عمّا يحقق لنفسك الأثر الإيجابي، وحقق مُبتغاك، واترك بصمتك الجميلة.. وكل عام والجميع بخير.
ودُمتم ودامت عُمان بخير.