لا تتحالفوا على من ثأر لكرامتنا

 

علي بن سالم كفيتان

يا من لم تُحركهم استغاثات النساء والأطفال في غزة منذ 70 يومًا ولم تهتز شعرة من كبريائهم المسلوب للجرائم المشينة التي ترتكبها عصابة نتنياهو وجانتس وبن غفير، ما بالي أراكم اليوم تتنادون للتحالف على اليمن الذي مسح شيئًا من العار الذي لحق بصمتكم المُشين على ما يحدث في فلسطين؟

تأكدوا أن ضربكم لليمن الذي قطع خطوط التجارة عن تلك العصابة وأربابهم ليستنجدوا بكم بحجة تأثر تجارتكم لتهبوا نيابة عنهم لحراسة تجارتهم والسفن التي تمدهم بالسلاح والمؤونة لقتل أهل غزة ليل نهار، إن هبتكم مع الأعداء والخونة ستكون الحلقة الأخيرة بينكم وبين شعوبكم، ولسان حالهم يقول: نحن الشعوب نتنازل عن دخل موانئكم وكساد تجارتكم وفقدان وظائفكم حتى يتوقف المغتصب عن قتل إخواننا في فلسطين، ولا جزاكم الله خيرًا، ولا نصركم إن أقدمتم على ضرب اليمن الذي ثأر لكرامتنا التي أهدرتموها بمواقفكم المخزية.

الغرب لا يعترف بلغة الاستنكار والشجب وطلباتكم المتراكمة في الأمم المتحدة التي لفظت أنفاسها الأخيرة بعد عجزها عن لجم تعطش الصهاينة للدم الفلسطيني وإمداد أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا بالسلاح والمؤونة للعدو المغتصب، فيما أغلق اليمنيون باب المندب أمام السفن التي تعزز من أرباح الكيان الصهيوني، فاليمنيون قد ثارت حميتهم للحق وإنصاف المظلوم ونجدة الملهوف، فهبوا بقواربهم ليسحبوا أموال بني صهيون ومصالحهم إلى ميناء الحُديدة، ومن لم يستجب نال حظه مما يستحق. واشترط اليمنيون وقف الحرب وفتح المعابر وإدخال الماء والغذاء والدواء الى غزة لكي يسمحوا بمرور المصالح الصهيونية مُجددًا، فلا يستقيم أن تُحرس السفن المتجهة إلى موانئ الاحتلال، فيما هو يقتل إخواننا، ولا يستقيم أن نمرر لهم شحنات الغذاء والدواء وهم يمنعونها عن أهالينا المنكوبين في غزة، فهل من العدالة أن يُجيِّشكم الغرب الظالم المنحاز لبني صهيون لضرب اليمن الذي مسح عاركم منذ بداية الأزمة؟

أتعلمون لماذا اختلفت لهجة بايدن وعادت فرنسا وبريطانيا وألمانيا للحديث عن ضرورة وقف الحرب، بكل تأكيد لم تكن نتاج استنكاراتكم وشجبكم ولا شعوركم بالأسف، وحتمًا ليست من مكاسب وفودكم التي تجوب عواصم الغرب لاستجداء السلام؛ بل هي حصيلة صمود الفصائل الفلسطينية وقتل المزيد من الصهاينة والمرتزقة الغربيين في أزقة الشجاعية وتل الزيتون وجحر الديك، والذين باتوا يهيمون على وجوههم الى غير هدى ليصطادهم قناصو القسام وسرايا القدس. هنا نرى حصاد من خطط للمعركة ومن بدأها فهو يريد إلحاق أكبر قدر من الضرر بالمغتصبين اليهود الذين أكلوا الطعم وقدموا بخفهم وحافرهم- كما تقول العرب- الى غزة؛ ففي الماضي كان الصهاينة يقصفون كل ما على الأرض عن بعد ويقتلون أعدادًا كبيرة، ولا يكاد يُصاب منهم جندي، أما اليوم فقد باتوا غنائم يمكن صيدها بالحبل والعصا، والعشرات منهم في الأَسْرِ والبقية، يُقضى نحبهم في الأزقة والحواري.

وهذا هو النصر بعينه أيها المتخاذلون الخانعون، وفي الجانب الآخر استلم بني يمن نداء الاستغاثة، فدخلوا خليج باب المندب ليجروا منه مصالح بني صهيون ومن والاهم إلى موانئهم. هذه الثنائية هي التي يفهمها الصهاينة وأمريكا؛ لذلك لَانَت كلمتهم وخفت حِدَّة دعمهم لطفلهم الذي لا يكبر؛ فباتوا يستجدون من مندوب قطر التوسط لوقف جديد لإطلاق النار؛ لأن الدوحة تشكل زاوية السلام وبوابة الغوث للمنكوبين في فلسطين، عندما أغلقتم جميع أبوابكم ولم يصبح لكم عنوان.

لهذا.. ندعوكم يا من تأبطتم بدلكم الغربية وربطات أعناقكم الأنيقة واستحضرتم بزاتكم العسكرية المرصعة بالنياشين والأنواط من خزائنكم المُحكمة، تدفعكم حمية الغرب لنجدتهم من مستنقع باب المندب، ندعوكم للتريث في مواجهة اليمن حمايةً لمصالح بني صهيون والغرب، دعوا عنصر الضغط اليمني يعمل، ولنتنازل عن النقود والتبعات المالية، لاقتياد بضع سفن إلى ميناء الحديدة، ما دمنا تنازلنا عن عزتنا وكرامتنا لنصرة لفلسطين.

إن استنهاض جيوشكم وبوارجكم وطائراتكم لقصف اليمن سيكون عارًا، لن يمحوه الزمن ولن يغفره التاريخ.